حرب بأطراف القنا تأجج (1) يهلك فيها البطل المدجج يقدمها (2) همذانها ومذحج * قوم إذا ما حسموها انضجوا سيروا لبر الله (3) لا تعرجوا * دين قويم وسبيل منهج قال: ثم حمل علي رضي الله عنه في هؤلاء العشرة آلاف حملة رجل واحد، فما بقي لأهل الشام صف إلا انتقض وهمدت الناس واحمرت حوافر الخيل بالدماء.
قال: والتفت معاوية إلى عمرو بن العاص فقال: أبا عبد الله اليوم صبرا وغدا فخرا، فقال عمرو: صدقت يا معاوية! ولكن اليوم حق والحياة باطل، وإن حمل علي في أصحابه حملة أخرى فهو البراز.
قال: والتفت الأشتر إلى بني عمه فجعل يحرضهم وهو يقول: يا لمذحج!
عضضتم بصم الجندل، فما أرضيتم ربكم ولا نكبتم له في عدوكم، وأنتم أبناء العرب، وأصحاب الغارات، وفتيان الصياح، وفرسان الطراد، وحتوف الأقران، و مذحج الطعان. ثم حمل وحملت معه قبائل العرب مع مذحج، فتحيرت أهل الشام من فعالهم، والأشتر يومئذ على فرس له أدهم ذنوب، في يده صفيحة له يمانية، إذا طأطأها خلت فيها لهيبا (4)، وإذا رفعها يغشى البصر (5) من شعاعها، فهو يضرب بها قدما قدما، فلا يصمد لكتيبة إلا كشفها وهو يقول:
أهلي فداكم قاتلوا عن دينكم * فالجبن عن أعدائكم يشينكم و الله إن ناصحتم يعينكم * فاحموا حماكم وامنعوا قطينكم قال: ثم حمل فطاعن حتى كسر رحمه على قربوص سرجه ووقف وهو يقول:
الغمرات ثم تنجلينا (6) * نحن بنو الحرب بها غذينا