قال: فجزاه القوم خيرا، فأنشأ الصلتان العبدي في ذلك يقول:
شقيق بن ثور قام فينا بخطبة * يحث بها (1) الركبان أهل المشاعر و هيهات أن يأتي (2) الخطيب بمثلها * جزى الله خيرا من خطيب وناصر و قد قام فينا خالد بن معمر * وكردوس الحامي ذمار العشائر بمثل الذي حامى به حذو فعله * وقد بين الشورى حريث بن جابر فلا يعدمنك (3) الدهر ما هبت الصبا * ولا زلت مسقيا بأسحم ما طر و لا زلت تدعى في ربيعة أولا * باسمك في إحدى الليالي الغوابر قال: فبينا الناس كذلك إذ أقبل أبو الأعور السلمي من عند معاوية على برذون له أشهب (4) والمصحف على رأسه حتى وقف قريبا من عسكر علي رضي الله عنه ثم نادى بأعلى صوته: لن يعطي واحد منا للآخر الطاعة، وقد قتل فيما بيننا بشر كثير، و كل واحد منا يرى أنه على الحق فيما يطلب من صاحبه وإننا نتخوف أن يكون ما بقي أشد مما مضى، وإننا سنحاسب ونسأل عن هذا الموطن ولا يحاسب بما نحن فيه غيرنا وغيركم، وقد جئتكم في أمر لنا ولكم فيه حياة وعذر وصلاح وحقن الدماء وألفة الدين وذهاب الفتن (5) أن نجعل القرآن بيننا وبينكم حكما ويحكم بيننا حكمان مرضيان: أحدهما من أصحابنا والآخر من أصحابكم، يحكمان (6) بما في كتاب الله عزو جل فإنه خير لنا ولكم، ونقطع هذه الفتن، فاتق الله يا علي فيما دعيت إليه و ارض بحكم القرآن إن كنت من أهله - والسلام -.
قال: فصاحت به الناس: إننا قد رضينا بحكم القرآن. فقال أبو الأعور:
فالحمد لله على ذلك، ووفقنا وإياكم لصالح الأمور. ثم انصرف إلى العسكر فأنشأ عبد الله بن حجر في ذلك يقول:
دعانا علي إلى خطة * فكنا له خير أنصارها