ما حل لنا منهم، ولسنا نخاف أن يحيف الله علينا ولا رسوله، وأ ن عليا رضي الله عنه ليس بالراجع ولا بالناكص ولا الشاك الواقف في أمره، وهو اليوم على ما كان عليه أمس، وقد أكلتنا هذه الحروب، ولسنا نرى إلا البقاء في الموادعة - والسلام -.
قال: ثم وثب هانىء أو كردوس بن هانىء البكري (1) فقال: أيها الناس! إننا ما تولينا معاوية منذ تبرأنا منه، ولا برئنا من علي منذ توليناه، وقد علمنا أن قتلانا شهداء وأحياءنا أبرار، وأن عليا لعلى بينة من ربه وما أحب إلا الإنصاف، وكل محق منصف، فمن سالمه نجا ومن خالفه هلك (2).
قال: ثم وثب خالد بن معمر السدوسي فقال: يا أمير المؤمنين! إننا ما أخرنا هذه المقالة إلا أن يكون (3) أحدى أولى بهذا الكلام منا غير أننا جعلناه ذخرا لنا، وقلنا أحب الأمور إلينا ما كفينا مؤنته، فأما إذ سبقنا إلى الكلام فإننا لا نرى البقاء إلا فيما دعاك إليه القوم، فإن رأيت ذلك فأجبهم إليه وإن لم تر ذلك فرأيك أفضل.
قال: ثم وثب الحضين بن المنذر (4) وكان أصغر القوم سنا فقال: أيها الناس!
إنما بني هذا الدين على التسليم فلا تعملوا فيه بالقياس، ولا تهدموه بالشبهة (5)، و أمير المؤمنين فهو المصدق بما قال والمأمون على ما فعل، فإن قال: لا. قلنا:
لا، وإن قال: نعم، قلنا: نعم.
قال: فوثب رفاعة بن شداد البجلي وكان من أفاضل أصحاب علي رضي الله عنه، فقال: أيها الناس! إنه لا يفوتنا شيء من حقنا وقد دعونا القوم إلى ما دعوناهم إليه في أول أمرنا، فإن يتم الأمر على ما نحب وحكم بالقرآن على ما فيه من الحق فبعد بلاء شديد وقتل ذريع، وإن تكن الأخرى أثرناها عجاجة (6)، فهذه سيوفنا في