رقابنا وأرماحنا في أكفنا، ثم أنشأ يقول (1):
تطاول ليلي بالهموم الحواضر * وقتلى أصيب من رؤوس العشائر (2) بصفين أمسوا والحوادث جمة * يهيل عليها الترب ذيل الأعاصر فإنهم في ملتقى الحرب بكرة * وقد جالت الأبطال دون المشاعر فإن تك أهل الشام نالوا سراتنا * فقد نيل منهم مثلهم جزر جاذر (3) و فار سجال الدمع منا ومنهم * يبكين قتلى غير ذات مقابر فإن يستقل اليوم ما كان بيننا * وبينهم إحدى الليالي الغوابر و ما ذا علينا أن تريح سيوفنا * إلى مدة من بيضنا والمغافر و من نصبنا وسط العجاج جباهنا * كفاحا كفاحا بالسيوف البواتر (4) و طعنا إذا نادى المنادي أن اركبوا * صدور المذاكي بالرماح الخواطر ونحن ضربناهم على رأس أمرنا * فإن حكموا فينا حكومة جائر أثرنا التي كانت بصفين بكرة * ولم نك في تسعيرها بعواثر و إن حكموا بالحق كانت سلامة * وإلا أثرناها بيوم قماطر (5).
قال: ثم وثب إلى علي يومئذ زهاء عشرين ألفا مقنعين في الحديد شائلين سيوفهم على عواتقهم قد اسودت خيولهم (6) من كثرة الغبار، ومعهم عصابة من القراء الذين صاروا بعد ذلك خوارج، فقال له رجل منهم (7): يا علي! أنت تعلم أننا إنما قتلنا عثمان بن عفان حين غلبنا وأبي علينا أن يعمل بما في كتاب الله أو نجيب إليه، و أجب القوم إلى ما دعوك إليه من كتاب الله فقد أنصفوك، وإلا والله دفعناك إليهم برغمك أو قتلناك كما قتلنا عثمان بن عفان والله لنفعلنها بك إن لم تجب القوم إلى كتاب الله.