أما والله لقد ظننت أنها حين رفعت ستوقع اختلافا وفرقة، إنها من مشورة ابن النابغة - يعني عمرو بن العاص - قال: ثم قال ليزيد: [ويحك] ألا ترى إلى ما يلقون، ألا ترى إلى الذي يصنع الله لنا، أينبغي أن ندع هذا وننصرف عنه؟! فقال له يزيد: أتحب أنك ظفرت هاهنا وأن أمير المؤمنين بمكانه الذي هو به يفرج عنه ويسلم إلى عدوه؟! قال: سبحان الله، [لا] والله ما أحب ذلك. قال: فإنهم قالوا: لترسلن إلى الأشتر فليأتينك أو لنقتلنك [بأسيافنا] كما قتلنا عثمان، أو لنسلمنك إلى عدوك. قال: فأقبل الأشتر حتى انتهى إليهم فصاح فقال: يا أهل الذل والوهن، أحين علوتم القوم فظنوا أنكم لهم قاهرون ورفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها؟! وقد والله تركوا ما أمر الله به فيها وسنة من أنزلت عليه، فلا تجيبوهم. أمهلوني فواقا (1)، فإني قد أحسست بالفتح. قالوا: لا. قال: فأمهلوني عدوة الفرس (2)، فإني قد طمعت في النصر. قالوا: إذن ندخل معك في خطيئتك. قال: فحدثوني عنكم - وقد قتل أماثلكم وبقي أراذلكم - متى كنتم محقين، أحين كنتم تقتلون أهل الشام (3)، فأنتم الآن حين أمسكتم عن القتال مبطلون أم [أنتم] الآن [في إمساككم عن القتال] محقون؟ فقتلاكم إذن الذين لا تنكرون فضلهم وكانوا خيرا منكم، في النار. قالوا: دعنا منك يا أشتر، قاتلناهم في الله وندع قتالهم في الله. إنا لسنا نطيعك فاجتنبنا. قال: خدعتم والله فانخدعتم، ودعيتم إلى وضع الحرب فأجبتم يا أصحاب الجباه السود، كنا نظن أن صلاتكم زهادة في الدنيا وشوق إلى لقاء الله، فلا أرى فراركم إلا إلى الدنيا من الموت.
ألا فقبحا يا أشباه النيب الجلالة، ما أنتم برائين بعدها عزا أبدا، فابعدوا