الذي دعاهم إليه أمس، ولو رده عليهم لكنتم عليه أعتب (1)، فلا يلحد في هذا الأمر إلا ورجع على عقبيه أو يستدرج الذين تعرضوا بيننا وبين من طعن على أمير المؤمنين بعد هذا الأمر إلا بالسيف، ثم أنشأ يقول:
أتى نبأ من الأنباء ينمي * وقد يشقى من الخبر الخبير و قد جاء معاوية بن حرب * بأمر قد تضيق به الصدور فما أحيى القرآن [و] وحي لكن * متى حاروا فمخ القوم زير فلا تعجل معاوية بن حرب * وإن سرور ما تهوى غرور فإنك والخلافة يا بن حرب * لكالحادي وليس له بعير قال: ثم وثب جماعة من بني بكر بن وائل، منهم حريث بن جابر وخالد بن معمر وشقيق بن ثور وكردوس بن عبد الله (2) إلى علي رضي الله عنه فقالوا: ما ترى يا أمير المؤمنين؟ إن أجبت القوم أجبنا وإن أبيت أبينا، وها نحن بين يديك. فقال علي: أنا أحق من أجاب إلى كتاب الله (3) ولكن معاوية وعمرو بن العاص وابن أبي معيط وحبيب بن مسلمة والضحاك بن قيس وابن أبي سرح ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن، وأنا أعرف بهم منكم، لأني (4) قد رأيتهم صغارا وصحبتهم كبارا، وكانوا شر أطفال وشر رجال، وقد علمت أن رفع هذه المصاحف إنما هو وهن (5) وخديعة و مكيدة، وليس يحل لي ولا يسعني في ديني أن أدعى إلى كتاب الله فآبى أن أقبله، لأني إنما قاتلتهم ليدينونا (6) بحكم القرآن، لأنهم قد كانوا عصوا الله فيما أمرهم به و نهاهم عنه، فلم ينتهوا ونقضوا (7) عهده ونبذوا كتابه، غير أني أراكم قد اجتمعتم على أمر لا أرى فيه مخالفتكم.