كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٣ - الصفحة ١٥٩
و دعوني وربي، فإن صاحبكم مخاصم وإنما تختصم الأخيار فمن فلج فلجت شيعته.
قال: ثم جعل يقول: أيها الناس! هل من رائح إلى الله يطلب الجنة تحت ظلال السيوف والأسنة؟ اليوم لقاء الأحبة محمدا وحزبه. قال: ثم تقدم إلى القوم و جعل يقول (1):
نحن ضربناكم على تنزيله * فاليوم نضربكم على تأويله ضربا يزيل الهام عن مقيله * ويذهل الخليل عن خليله أو يرجع الحق إلى سبيله.
قال: ثم جعل يكابدهم حملة بعد حملة وهو يقول: يا أهل الشام! والله لو هزمتمونا حتى تبلغوا بنا إلى سعفات هجر لعلمنا أننا على الحق وأنكم على الباطل.
قال: فاختلط (2) به أصحاب معاوية وحملوا عليه، وحمل عليه ابن الجون السكوني فطعنة طعنة في شرا سيفه (3)، ورجع إلى أصحابه وهو لما به. فقال:
اسقوني شربة من ماء! قال: فأتاه غلام له يقال له راشد بضياح من لبن، فقال: أبا اليقظان! اشرب هذا اللبن بدل الماء، فلما نظر عمار إلى اللبن كبر وقال: بهذا أخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأن آخر زادي اللبن من الدنيا (4). قال: ثم شرب فخرج اللبن من جراحته، فسقط عمار على قفاه ثم تشهد وقضى نحبه - رحمه الله -.
فقال عمرو بن العاص لمعاوية: قد قتل عمار بن ياسر! فقال معاوية: قتل عمار فكان ما ذا؟ فقال: ألا تعلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعمار: " تقتلك الفئة الباغية وإن آخر زادك من الدنيا اللبن " (5). فقال معاوية: إنما قتله من جاء به إلى الحرب.

(١) الأرجاز في مروج الذهب ٢ / ٤٢٣ وقعة صفين ص ٣٤١.
(٢) بالأصل: فاختلطوا.
(٣) في مروج الذهب ٢ / ٤٢٣ قتله أبو العادية العاملي وابن جون السكسكي. وفي وقعة صفين ص ٣٤١:
حمل عليه ابن جون السكوني وأبو العادية الفزاري، فأما أبو العادية فطعنه، وأما ابن جون فإنه احتز رأسه. (وانظر الكامل لابن الأثير ٢ / ٣٨١).
(٤) رواه البيهقي في الدلائل ٦ / ٤٢٠ والإمام أحمد في مسنده ٤ / ٣١٩ والحاكم في المستدرك ٣ / ٣٨٩.
(٥) رواه البيهقي في الدلائل ٢ / ٥٥٢ والأحاديث بذلك مختلفة الأسانيد والطرق نقلها أيضا في الدلائل ٢ / ٥٤٦ وما بعدها في باب ما أخبر به المصطفى (ص) عند بناء مسجده ثم ظهر صدقه بعد وفاته.
و انظر البداية والنهاية ٧ / 297 وما بعدها (من تحقيقنا).
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر وقعة الماء وهي أول وقعة صفين 5
2 ذكر الوقعة الثانية بصفين 14
3 ذكر ما جرى بعد ذلك من الكلام 51
4 حديث خالد بن المعمر السدوسي 55
5 ثم رجعنا إلى الخبر 56
6 حديث سودة بنت عمارة الهمذانية مع معاوية 59
7 ثم رجعنا إلى الخبر 61
8 حديث أم سنان المذحجية مع معاوية 65
9 ثم رجعنا إلى الخبر من صفين 68
10 ذكر ما جرى من المناظرة بين أبي نوح وذي الكلاع الحميري 71
11 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 81
12 حديث عدي بن حاتم الطائي مع معاوية 82
13 ثم رجعنا إلى الخبر 83
14 حديث الزرقاء بنت عدي الهمذانية مع معاوية 87
15 ثم رجعنا إلى الخبر 89
16 ثم رجعنا إلى الخبر 103
17 حديث عبد الله بن هاشم مع معاوية 124
18 ثم رجعنا إلى الخبر 126
19 ذكر مقتل عبيد الله بن عمر بن الخطاب 128
20 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 131
21 خبر عرار بن الأدهم 141
22 ذكر ما جرى من الكتب بين علي بن أبي طالب وبين معاوية وعمرو بن العاص وابن عباس لما عضهم سلاح أهل العراق 149
23 ذكر مقتل عمار بن ياسر رحمه الله 158
24 ذكر القوم الذين أنفذهم معاوية إلى علي بن أبي طالب يكلمونه في ضع الحرب 168
25 ذكر تحريض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على القتال 171
26 ذكر تحريض معاوية أصحابه على القتال 172
27 ذكر الواقعة الخميسية وهي وقعة لم يكن بصفين أشد منها وصفة ليلة الهرير 174
28 ذكر صفة ليلة الهرير 180
29 ذكر رفع المصاحف على رؤوس الرماح 181
30 ذكر امتناع القوم من القتال 182
31 ثم رجعنا إلى الخبر 188
32 ذكر ما كان بعد ذلك بينهم من المكاتبة 191