علمت وعلمنا أن هذه الحروب تبلغ منا ومنك ما بلغت لم نك نجنها على بعضنا بعض فنحن وإياك بعد من الحرب في غاية ولم نبلغ منها ما نريد، وأما سؤالك (1) إياي الشام فلم أكن بالذي أعطيك اليوم ما منعتك بالأمس (2)، وليس أهل الشام بأحرص على الدنيا من أهل العراق على الآخرة، وأما قولك إننا بنو عبد مناف فلعمري إننا كذلك ولكن ليست أمية كهاشم، ولا حرب كعبد المطلب، ولا أبو سفيان كأبي طالب، ولا الطليق كالمهاجر، ولا المبطل كالمحق (3)، وفي أيدينا فضل النبوة التي بها عز الذليل وذل العزيز - والسلام -.
ثم كتب النجاشي إلى معاوية بهذه الأبيات:
ألا أبلغ معاوية بن صخر * مغلغلة يسيء بها الرقاق أتطمع في العراق وساكنيه * وقد جاشت بحومتها العراق و ناداه أبو حسن علي * بحجته التي ليست تطاق و أوطى الشام مسألة طحونا * كذكر الطرق يقدمها العتاق أيا لله درك يا بن هند * وكأس الموت أقطع ما يذاق فما لك في يدي الأمر حق * وما لك في عواقبه حقاق فقد ذهب الحياء فلا حياء * وقد ذهب الخلاق فلا خلاق أتمنعه وأمرك فيه رحب * ويعطيه وقد ضاق الخناق قال: فلما وصل الكتاب والشعر إلى معاوية ندم إلى ما كتب به إلى علي، و شمت به عمرو بن العاص وقال: قد نهيتك عن الكتاب إلى علي فلم تنته ولم تقبل، قال: ثم أنشأ عمرو في ذلك يقول (4):
ألا لله درك يا بن هند * ودر المرء عن ليث الأسود (5) أتطمع لا أبا لك في علي * وقد قرع الحديد على الحديد