ورويت أن الموت آخر (1) موعد * وأن الذي ناداك فيه الدهارس و تشمت بي إذ نالني حد رمحه * وعضضني ناب من الحرب ناهس و إني امرؤ لا قاه لم يبق شلوه * بمعترك تسفى عليه الرامس أبي الله إلا أنه ليث غابه * أبو أشبل تهدى إليه الفرائس فإن كنت في شك فارهج عجاجة * وإلا فتلك الترهات البسابس قال: وأصبح (2) القوم وهم بعد هذه الأمور على الحرب، وصلى علي الغداة بغلس (3)، ثم عبى أصحابه فتقدم (4) الناس براياتهم وأعلامهم، وزحف إليهم أهل الشام في تعبيتهم (5)، وخرج رجل من أهل العراق على فرس له كميت لا يرى منه إلا حماليق الحدق، وفي يده رمح له، فجعل يضرب بالرمح على رؤوس أصحاب علي و يقول: سووا صفوفكم! والناس لا يعرفونه، حتى إذا اعتدلت الصفوف والرايات استقبلهم بوجهه وولى ظهره إلى أهل الشام ثم حمد الله وأثنى عليه ثم قال: احمدوا الله عباد الله واشكروه إذ جعل فيكم ابن عمه نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم ووصيه وأحب الخلق إليه، أقدمهم هجرة وأولهم إيمانا، سيف من سيوف الله صبه على أعدائه، فانظروا إذا حمي الوطيس وثار القتام وتكسرت الرماح (6) وتثلمت الصفاح وجالت الخيل بالأبطال ولا أسمع منكم إلا غمغمة أو همهمة.
قال: ثم حمل على أهل الشام، فقاتل حتى كسر رمحه (7)، ثم رجع فإذا هو الأشتر رحمه الله.
قال: فخرج رجل من أهل الشام حتى وقف بين الصفين ثم نادى بأعلى صوته: يا أبا الحسن! إني أكلمك (8)، قال: فخرج إليه على حتى اختلف أعناق