كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٣ - الصفحة ١٥٢
قال: ما كان أغناني وإياك عن بني عبد المطلب، فقال معاوية: صدقت أبا عبد الله ولكنك قد علمت ما مر علينا بالأمس من القتل والهلاك، وأظن عليا سيباكرنا الحرب غدا ويعمل على المناجزة، وقد رأيت أن أشغله أنا غدا عن الحرب بكتاب أكتبه إلى ابن عباس، فإن هو أجابني إلى ما أريد فذلك، وإلا كتبت إلى علي وتحملت عليه بجميع من في عسكره فإن أجاب، وإلا صادمته وجعلتها واحدة لي أم علي، فهذا رأيي وإنما أريد بذلك أن أجم الحرب أياما، فقد تعلم ما نزل بنا في هذه الأيام، و إن كان عندك رأي غير هذا فهاته، فقال عمرو: أما أنا فأقول إن رجاءك لا يقوم رجاءه ولست بمثله، وهو رجل يقاتلك على أمر وأنت تقاتله على غيره، وهو يريد الفناء وأنت تريد البقاء، وليس يخاف أهل الشام من علي إن ظفر بهم ما تخاف أهل العراق إن ظفرت بهم، وأظنك تريد مخادعة علي، وأين أنت من خديعته، فقال معاوية: فكيف ذلك؟ ألسنا ببني عبد مناف؟ قال: فضحك عمرو ثم قال: بلى لعمري أنت وهو من بني عبد مناف كما تقول ولكن لهم النبوة من دونك، فإن شئت فاكتب.
قال: فكتب معاوية إلى ابن عباس (1): أما بعد، فإنكم يا معشر بني هاشم لستم إلى أحد أسرع بالإساءة منكم إلى أنصار عثمان، فإن يكن ذلك لسلطان بني أمية فقد ورثتها تيم وعدي قبل بني أمية (2)، وقد وقع من الأمر ما ترى وأدالت هذه الحروف منا ومنكم حتى استوينا فيها، والذي أطمعكم فينا هو الذي أطمعنا فيكم، و الذي أيسنا منكم هو الذي أيسكم منا، وقد رجونا غير الذي كان وخشينا دون ما وقع، ولستم تلاقوننا اليوم إلا بمثل ما كان بالأمس ولا غدا إلا بمثل اليوم، وقد منعنا بما كان منا الشام، ومنعتم بما كان منكم العراق، فأبقوا على قريش واتقوا الله ربكم، فإنما بقي من قريش ستة رجال: رجلان بالشام أنا وعمرو بن العاص، و رجلان بالعراق علي وأنت، ورجلان بالحجاز سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر، ومن هؤلاء الستة رجلان ناصبان لك ولابن عمك، ورجلان واقفان عليكم سعد وابن عمر، وأنت رأس هذا الجمع بعد ابن عمك، ولو بايع (3) الناس لك بعد عثمان لكنا إلى طاعتك أسرع منا إلى علي، فرأيك فيما كتبت إليك - والسلام -.

(١) نسخة الكتاب في الإمامة والسياسة ١ / ١٣٣ ووقعة صفين ص ٤١٤ باختلاف النصوص.
(٢) زيد في وقعة صفين: ولم تنافسوهم وأظهرتم لهم الطاعة.
(3) عن الإمامة والسياسة، وبالأصل: بايعوا.
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر وقعة الماء وهي أول وقعة صفين 5
2 ذكر الوقعة الثانية بصفين 14
3 ذكر ما جرى بعد ذلك من الكلام 51
4 حديث خالد بن المعمر السدوسي 55
5 ثم رجعنا إلى الخبر 56
6 حديث سودة بنت عمارة الهمذانية مع معاوية 59
7 ثم رجعنا إلى الخبر 61
8 حديث أم سنان المذحجية مع معاوية 65
9 ثم رجعنا إلى الخبر من صفين 68
10 ذكر ما جرى من المناظرة بين أبي نوح وذي الكلاع الحميري 71
11 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 81
12 حديث عدي بن حاتم الطائي مع معاوية 82
13 ثم رجعنا إلى الخبر 83
14 حديث الزرقاء بنت عدي الهمذانية مع معاوية 87
15 ثم رجعنا إلى الخبر 89
16 ثم رجعنا إلى الخبر 103
17 حديث عبد الله بن هاشم مع معاوية 124
18 ثم رجعنا إلى الخبر 126
19 ذكر مقتل عبيد الله بن عمر بن الخطاب 128
20 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 131
21 خبر عرار بن الأدهم 141
22 ذكر ما جرى من الكتب بين علي بن أبي طالب وبين معاوية وعمرو بن العاص وابن عباس لما عضهم سلاح أهل العراق 149
23 ذكر مقتل عمار بن ياسر رحمه الله 158
24 ذكر القوم الذين أنفذهم معاوية إلى علي بن أبي طالب يكلمونه في ضع الحرب 168
25 ذكر تحريض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على القتال 171
26 ذكر تحريض معاوية أصحابه على القتال 172
27 ذكر الواقعة الخميسية وهي وقعة لم يكن بصفين أشد منها وصفة ليلة الهرير 174
28 ذكر صفة ليلة الهرير 180
29 ذكر رفع المصاحف على رؤوس الرماح 181
30 ذكر امتناع القوم من القتال 182
31 ثم رجعنا إلى الخبر 188
32 ذكر ما كان بعد ذلك بينهم من المكاتبة 191