كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٣ - الصفحة ١٥٣
قال: فلما انتهى كتاب معاوية إلى ابن عباس تبسم ضاحكا ثم قال: إلى كم يخطب إلي معاوية عقلي وحتى (متى) أحجم (1) ما في نفسي، ثم كتب إليه (2):
بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد فقد أتاني كتابك وفهمت ما سطرت فيه، فأما ما أنكرت من سرعتنا إلى أنصار عثمان بالمساءة وسلطان بني أمية فلعمري لقد أدركت حاجتك في عثمان حين استنصرك فلم تنصره حتى صرت إلى ما صرت إليه، وبينك و بينه في ذلك أخو عثمان لأمه الوليد بن عقبة، وأما إغراؤك إيانا بتيم وعدي فأبو بكر و عمر خير من عثمان كما أن عثمان كان خيرا منك، وأما قولك إنه لم يبق من رجال قريش إلا ستة رجال فما أكثر رجالها وأحسن بقيتها وقد قاتلك من خيارها من قاتلك، و لم يخذلنا إلا من خذلك، وأما ذكرك الحرب فقد بقي لك منا ما ينسيك ما كان قبله و تخاف ما يكون بعده، وأما قولك إني لو بايعني (3) الناس لأسرعت إلى طاعتي فقد بايع (4) الناس عليا وهو أخو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وابن عمه ووصيه ووزيره وهو خير مني فلم تستقم له، وإنما الخلافة لمن كانت له الشورى، وأما أنت فليس لك فيها حق لأنك طليق وابن طليق ورأس الأحزاب وابن آكلة الأكباد - والسلام -.
فلما انتهى كتاب ابن عباس إلى معاوية وقرأه قال: هذا فعلي بنفسي، والله لأجهدن أن لا أكاتبه سنة، قال: ثم أنشأ يقول (5):
دعوت ابن عباس إلى أخذ خطة * وكان امرءا أهدي إليه رسائلي فأخلف ظني والحوادث جمة * ولم يك فيما (6) نابني بمواصلي و لم يك فيما جاء ما يستحقه * وما زاد أن أغلي عليه مراجلي فقل لابن عباس أراك مخوفا * بجهلك حلمي أنني غير غافل فأبرق وأرعد ما استطعت فإنني * إليك بما يشجيك سبط الأنامل و صفين داري ما حييت وليس ما * تربص من ذاك الوعيد بقاتلي قال: فأجابه الفضل بن العباس وهو يقول:

(١) الإمامة والسياسة: أجمجم.
(٢) نسخته في الإمامة والسياسة ١ / ١٣٤ ووقعة صفين ص ٤١٥.
(٣) عن الإمامة والسياسة، وبالأصل: بايعوني.
(٤) بالأصل: بايعوا.
(٥) الأبيات في كتاب وقعة صفين ص ٤١٦:
(٦) وقعة صفين: فيما قال مني بواصل.
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر وقعة الماء وهي أول وقعة صفين 5
2 ذكر الوقعة الثانية بصفين 14
3 ذكر ما جرى بعد ذلك من الكلام 51
4 حديث خالد بن المعمر السدوسي 55
5 ثم رجعنا إلى الخبر 56
6 حديث سودة بنت عمارة الهمذانية مع معاوية 59
7 ثم رجعنا إلى الخبر 61
8 حديث أم سنان المذحجية مع معاوية 65
9 ثم رجعنا إلى الخبر من صفين 68
10 ذكر ما جرى من المناظرة بين أبي نوح وذي الكلاع الحميري 71
11 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 81
12 حديث عدي بن حاتم الطائي مع معاوية 82
13 ثم رجعنا إلى الخبر 83
14 حديث الزرقاء بنت عدي الهمذانية مع معاوية 87
15 ثم رجعنا إلى الخبر 89
16 ثم رجعنا إلى الخبر 103
17 حديث عبد الله بن هاشم مع معاوية 124
18 ثم رجعنا إلى الخبر 126
19 ذكر مقتل عبيد الله بن عمر بن الخطاب 128
20 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 131
21 خبر عرار بن الأدهم 141
22 ذكر ما جرى من الكتب بين علي بن أبي طالب وبين معاوية وعمرو بن العاص وابن عباس لما عضهم سلاح أهل العراق 149
23 ذكر مقتل عمار بن ياسر رحمه الله 158
24 ذكر القوم الذين أنفذهم معاوية إلى علي بن أبي طالب يكلمونه في ضع الحرب 168
25 ذكر تحريض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على القتال 171
26 ذكر تحريض معاوية أصحابه على القتال 172
27 ذكر الواقعة الخميسية وهي وقعة لم يكن بصفين أشد منها وصفة ليلة الهرير 174
28 ذكر صفة ليلة الهرير 180
29 ذكر رفع المصاحف على رؤوس الرماح 181
30 ذكر امتناع القوم من القتال 182
31 ثم رجعنا إلى الخبر 188
32 ذكر ما كان بعد ذلك بينهم من المكاتبة 191