قال: فلما انتهى كتاب معاوية إلى ابن عباس تبسم ضاحكا ثم قال: إلى كم يخطب إلي معاوية عقلي وحتى (متى) أحجم (1) ما في نفسي، ثم كتب إليه (2):
بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد فقد أتاني كتابك وفهمت ما سطرت فيه، فأما ما أنكرت من سرعتنا إلى أنصار عثمان بالمساءة وسلطان بني أمية فلعمري لقد أدركت حاجتك في عثمان حين استنصرك فلم تنصره حتى صرت إلى ما صرت إليه، وبينك و بينه في ذلك أخو عثمان لأمه الوليد بن عقبة، وأما إغراؤك إيانا بتيم وعدي فأبو بكر و عمر خير من عثمان كما أن عثمان كان خيرا منك، وأما قولك إنه لم يبق من رجال قريش إلا ستة رجال فما أكثر رجالها وأحسن بقيتها وقد قاتلك من خيارها من قاتلك، و لم يخذلنا إلا من خذلك، وأما ذكرك الحرب فقد بقي لك منا ما ينسيك ما كان قبله و تخاف ما يكون بعده، وأما قولك إني لو بايعني (3) الناس لأسرعت إلى طاعتي فقد بايع (4) الناس عليا وهو أخو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وابن عمه ووصيه ووزيره وهو خير مني فلم تستقم له، وإنما الخلافة لمن كانت له الشورى، وأما أنت فليس لك فيها حق لأنك طليق وابن طليق ورأس الأحزاب وابن آكلة الأكباد - والسلام -.
فلما انتهى كتاب ابن عباس إلى معاوية وقرأه قال: هذا فعلي بنفسي، والله لأجهدن أن لا أكاتبه سنة، قال: ثم أنشأ يقول (5):
دعوت ابن عباس إلى أخذ خطة * وكان امرءا أهدي إليه رسائلي فأخلف ظني والحوادث جمة * ولم يك فيما (6) نابني بمواصلي و لم يك فيما جاء ما يستحقه * وما زاد أن أغلي عليه مراجلي فقل لابن عباس أراك مخوفا * بجهلك حلمي أنني غير غافل فأبرق وأرعد ما استطعت فإنني * إليك بما يشجيك سبط الأنامل و صفين داري ما حييت وليس ما * تربص من ذاك الوعيد بقاتلي قال: فأجابه الفضل بن العباس وهو يقول: