فالا بعثني في الصباح بنعمة * يفك بها عني فقبري داري قال: فلما سمع الأشتر هذه الأبيات كأنها حركته، ثم غدا به الأشتر إلى علي رضي الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين! هذا رجل أخذته البارحة أسيرا بلا قتال، ووالله لو علمت أن قتله أحب إليك لقتلته، وقد بات البارحة عندي وحركني بأبيات قالها، فإن أحببت قتله فاقتله، وإن (1) كنت فيه بالخيار فهبه لي! فقال: هو لك يا مالك! وإذا أصبت (منهم) أسيرا فلا تقتله، فإن أسير أهل القبلة لا يفادى ولا يقتل. فرده الأشتر إلى رحلة فأحسن إليه ورد عليه ما كان أخذ منه وأطلقه.
قال: وعزم (2) الفريقان على الحرب، وأقبل معاوية على هؤلاء الأربعة الرهط: مروان بن الحكم، والوليد بن عقبة بن أبي معيط، وعبد الله بن عامر بن كريز، وطلحة الطلحات (3)، فقال: إن أمرنا وأمر علي لعجيب ليس منا إلا موتور، أما أنا فإنه قتل أخي وخالي يوما وشارك في قتل جدي، وأما أنت يا وليد فإنه قتل أباك بيده صبرا يوم بدر، وأما أنت يا طلحة، فإنه قتل أخاك يوم أحد وقتل أباك يوم الجمل وأيتم أخوالك، وأما أنت يا عبد الله بن عامر فإنه أسر أباك وأخذ مالك، وأما أنت يا مروان، فإنه قتل ابن عمك عثمان بن عفان، ثم إنني أراكم قعودا عنه ما فيكم أحد يغير ولا يأخذه بثأره. فقال مروان: فما الذي تحب أن نصنع يا معاوية؟ فقال: أريد والله منكم أن تشجروه بالرماح فتريحوا العباد والبلاد منه، فقال مروان: الآن والله قد ثقلنا عليك يا معاوية إذ كنت تأمرنا بالخروج إلى حية الوادي والأسد العادي (5).
قال: ثم نهض مروان مغضبا، وأنشأ الوليد بن عقبة في ذلك يقول:
يقول لنا معاوية بن حرب * أما فيكم لواتركم طليب يشد على أبي حسن علي * بأسمر لا يهجنه الكعوب فيهتك مجمع اللبات منه * ونقع الموت (6) مطرد يثوب