هذه الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنه لأفقه خلق الله في دين الله وأولادهم برسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس معه أحد إلا وهو قارىء لكتاب الله عالم بحدود الله، ولا يغرنك هؤلاء الأشقياء المغرورون. فقال الشامي: يا هذا! ما أظنك والله إلا وقد نصحتني في ديني، ولكن هل من توبة؟ قال: نعم، إن تبت تاب الله عليك فإنه هو الذي يقبل التوبة عن عبادة ويعفو عن السيئات، قال: فقنع الشامي فرسه وركض، فصار إلى علي رضي الله عنه فكان معه.
قال: وتقدم هاشم بالراية نحو القوم وهو يقول:
يا لك يوما مثل يوم اليرموك * يا لك من طحن رحا دموك يا لك منها من دم مسفوك * بالسيد الضخم وبالصعلوك أمشي وسيفي مشبه الفلوك * حتى أحل منزل الملوك إن الملوك ترحم المملوك ثم حمل على صفوف أهل الشام فجرح منهم خلق كثير وقتل منهم جماعة، ثم وقف ساعة ليستريح وهو في ذلك يقول شعرا، فحمل عليه رجل من أصحاب معاوية يقال له حمزة بن مالك الهمذاني وهو يقول شعرا يمدح فيه نفسه، فحمل عليه هاشم بن عتبة فطعنه طعنة فقتله، وحملت (1) جماعة من أهل الشام فأحاطوا به فلم يزل يطاعن (2) بالراية حتى استشهد (3) - رحمه الله -.
قال: وحمل رجل من أصحاب علي رضي الله عنه يقال له شقيق بن ثور العبدي علي أهل الشام، فكشفهم عن هاشم بن عتبة لكيلا يسلبوه، ثم أخذ الراية فرفعها وجعل يرتجز ويقول:
لا بأس قد قام بها شقيق * إن شقيقا في اللقا خليق و (4) درعه فإنه فتيق * بالطعن في يوم الوغى حقيق ثم حمل فقاتل حتى قتل.