عباس (1) بن مسروق الهمذاني فقتله الشامي، ثم رمى جثتهم بعضها فوق بعض.
قال: فنظر علي رضي الله عنه إلى مقام فارس بطل، فخرج إليه بنفسه حتى وقف قبالته فقال له: من أنت؟ فقال: أنا كريب بن الصباح الحميري: فقال له علي رضي الله عنه: ويلك يا كريب! إني أحذرك الله في نفسك وأدعوك إلى كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: ومن أنت؟ قال: أنا علي بن أبي طالب، فالله الله في نفسك! فإن أراك فارسا بطلا، لك من لنا عليك ما علينا، فقال: ما أكثر ما سمعنا منك هذا وأشباهه، فدن مني! فقال له علي: ويحك يا كريب! ليدخلنك معاوية إلى نار جهن، فقال كريب: ادن مني إذا شئت، ثم جعل يلوح بسيفه وهو يقول:
من يشتري سيفي وهذا أثره؟ أضربه ضربا ولا أنتظره قال: فمشى إليه علي رضي الله عنه والتقيا (2) بضربتين، ضربه علي ضربة قتله، ثم وقف ونادى: من يبارز؟ فخرج إليه الحارث بن وداع (3) الحميري، فحلم عليه علي فقتله، فخرج إليه المطاع بن المطلب القيني فحمل عليه علي فقتله، فلم يزل كذلك حتى قتل أربعة من فرسان الشام، ثم نزل إليهم فرمى بأجسادهم بعضهم على بعض، وهو يقول: * (الشهر الحرام (بالشهر الحرام) والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعملوا أن الله مع المتقين) * (4).
قال: ثم صاح علي رضي الله عنه: يا معاوية! هلم إلى مبارزتي ولا تفنين العرب بيننا (5)، فقال معاوية: لا حاجة لي في مبارزتك، إنك قد قتلت أربعة من سباع العرب فحسبك.
قال: فصاح به رجل من أصحاب معاوية يقال له عروة بن داود الدمشقي فقال له: يا بن أبي طالب! إن كان معاوية قد كره مبارزتك فهلم إلى مبارزتي! فذهب علي ليبرز إليه، فقال له أصحابه: نحن نكفيك هذا الكلب ولا تخرج إليه فما هو لك