كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٣ - الصفحة ١١٣
عباس (1) بن مسروق الهمذاني فقتله الشامي، ثم رمى جثتهم بعضها فوق بعض.
قال: فنظر علي رضي الله عنه إلى مقام فارس بطل، فخرج إليه بنفسه حتى وقف قبالته فقال له: من أنت؟ فقال: أنا كريب بن الصباح الحميري: فقال له علي رضي الله عنه: ويلك يا كريب! إني أحذرك الله في نفسك وأدعوك إلى كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: ومن أنت؟ قال: أنا علي بن أبي طالب، فالله الله في نفسك! فإن أراك فارسا بطلا، لك من لنا عليك ما علينا، فقال: ما أكثر ما سمعنا منك هذا وأشباهه، فدن مني! فقال له علي: ويحك يا كريب! ليدخلنك معاوية إلى نار جهن، فقال كريب: ادن مني إذا شئت، ثم جعل يلوح بسيفه وهو يقول:
من يشتري سيفي وهذا أثره؟ أضربه ضربا ولا أنتظره قال: فمشى إليه علي رضي الله عنه والتقيا (2) بضربتين، ضربه علي ضربة قتله، ثم وقف ونادى: من يبارز؟ فخرج إليه الحارث بن وداع (3) الحميري، فحلم عليه علي فقتله، فخرج إليه المطاع بن المطلب القيني فحمل عليه علي فقتله، فلم يزل كذلك حتى قتل أربعة من فرسان الشام، ثم نزل إليهم فرمى بأجسادهم بعضهم على بعض، وهو يقول: * (الشهر الحرام (بالشهر الحرام) والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعملوا أن الله مع المتقين) * (4).
قال: ثم صاح علي رضي الله عنه: يا معاوية! هلم إلى مبارزتي ولا تفنين العرب بيننا (5)، فقال معاوية: لا حاجة لي في مبارزتك، إنك قد قتلت أربعة من سباع العرب فحسبك.
قال: فصاح به رجل من أصحاب معاوية يقال له عروة بن داود الدمشقي فقال له: يا بن أبي طالب! إن كان معاوية قد كره مبارزتك فهلم إلى مبارزتي! فذهب علي ليبرز إليه، فقال له أصحابه: نحن نكفيك هذا الكلب ولا تخرج إليه فما هو لك

(١) في وقعة صفين ص ٣١٥: عائد.
(٢) بالأصل: التقوا.
(٣) وقعة صفين ص ٣١٦: وداعة.
(٤) سورة البقرة، الآية ١٩٤.
(٥) وقعة صفين: ولا يقتلن الناس فيما بيننا.
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر وقعة الماء وهي أول وقعة صفين 5
2 ذكر الوقعة الثانية بصفين 14
3 ذكر ما جرى بعد ذلك من الكلام 51
4 حديث خالد بن المعمر السدوسي 55
5 ثم رجعنا إلى الخبر 56
6 حديث سودة بنت عمارة الهمذانية مع معاوية 59
7 ثم رجعنا إلى الخبر 61
8 حديث أم سنان المذحجية مع معاوية 65
9 ثم رجعنا إلى الخبر من صفين 68
10 ذكر ما جرى من المناظرة بين أبي نوح وذي الكلاع الحميري 71
11 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 81
12 حديث عدي بن حاتم الطائي مع معاوية 82
13 ثم رجعنا إلى الخبر 83
14 حديث الزرقاء بنت عدي الهمذانية مع معاوية 87
15 ثم رجعنا إلى الخبر 89
16 ثم رجعنا إلى الخبر 103
17 حديث عبد الله بن هاشم مع معاوية 124
18 ثم رجعنا إلى الخبر 126
19 ذكر مقتل عبيد الله بن عمر بن الخطاب 128
20 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 131
21 خبر عرار بن الأدهم 141
22 ذكر ما جرى من الكتب بين علي بن أبي طالب وبين معاوية وعمرو بن العاص وابن عباس لما عضهم سلاح أهل العراق 149
23 ذكر مقتل عمار بن ياسر رحمه الله 158
24 ذكر القوم الذين أنفذهم معاوية إلى علي بن أبي طالب يكلمونه في ضع الحرب 168
25 ذكر تحريض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على القتال 171
26 ذكر تحريض معاوية أصحابه على القتال 172
27 ذكر الواقعة الخميسية وهي وقعة لم يكن بصفين أشد منها وصفة ليلة الهرير 174
28 ذكر صفة ليلة الهرير 180
29 ذكر رفع المصاحف على رؤوس الرماح 181
30 ذكر امتناع القوم من القتال 182
31 ثم رجعنا إلى الخبر 188
32 ذكر ما كان بعد ذلك بينهم من المكاتبة 191