قال: وأقبل بسر بن (أبي) أرطاة على غلام له يقال له لاحق فقال له: ويحك يا لاحق! إني أرى معاوية قد كاع عن مبارزة علي وقد عزمت أنا على مبارزته فلعلي أقتله فأذهب بشهرته في العرب إلى آخر الدهر، فما الذي عندك من الرأي؟ فقال له لاحق: عندي من الرأي أنك إن كنت واثقا بنفسك وإلا فلا تبرز إليه، فإنه والله لأسد الأسود الشجاع المطرق، ثم أنشأ الغلام يقول (1):
فأنت له يا بسر إن كنت مثله * وإلا فإن الليث للضبع أكل فإنك يا بسر بن أرطاة جاهل * بآثاره في الحرب أو متجاهل معاوية الوالي وعقبة بعده * وسيف أبي سفيان للقرن نأكل أولئك أولى منك يا بسر إنه * علي فلا تقربه أمك هائل متى تلقه فالموت في رأس رمحه * وفي نفسه شغل لنفسك شاغل وما بعده في آخر الليل عاطف (2) * ولا قبله في أول الخيل حامل قال: فقال بسر لغلامه: ويحكم يا لاحق! وهل هو إلا الموت، والله لا بد من لقاء الله على أي الأحوال كان ذلك في موت أو قتل.
قال: ثم خرج بسر بن أرطاة إلى علي وهو ساكت لا ينطق بشيء خوفا من أن عرفه علي إذ هو تكلم. قال: ونظر إليه علي، فحمل عليه فسقط بسر على قفاه ورفع رجليه فانكشفت عورته، وصرف علي وجهه عنه، ووثب بسر قائما وسقطت البيضة عن رأسه، فصاحت أصحابه: يا أمير المؤمنين! انه بسر بن (أبي) أرطاة، فقال علي رضي الله عنه: دعوه فقد كان معاوية أولى بهذا الامر من بسر.
قال: فضحك معاوية من بسر ثم قال: لا عليك يا بسر! ارفع طرفك ولا تستحي، فقد نزل بعمرو مثل الذي نزل بك. قال: فصاح رجل من أهل الكوفة:
ويلكم يا أهل الشام! أما تستحون؟ لقد علمكم عمرو بن العاص في الحروب كشف السوءات، ثم إنه أنشأ وجعل يقول (3):