كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٣ - الصفحة ١٠٥
قال: وأقبل بسر بن (أبي) أرطاة على غلام له يقال له لاحق فقال له: ويحك يا لاحق! إني أرى معاوية قد كاع عن مبارزة علي وقد عزمت أنا على مبارزته فلعلي أقتله فأذهب بشهرته في العرب إلى آخر الدهر، فما الذي عندك من الرأي؟ فقال له لاحق: عندي من الرأي أنك إن كنت واثقا بنفسك وإلا فلا تبرز إليه، فإنه والله لأسد الأسود الشجاع المطرق، ثم أنشأ الغلام يقول (1):
فأنت له يا بسر إن كنت مثله * وإلا فإن الليث للضبع أكل فإنك يا بسر بن أرطاة جاهل * بآثاره في الحرب أو متجاهل معاوية الوالي وعقبة بعده * وسيف أبي سفيان للقرن نأكل أولئك أولى منك يا بسر إنه * علي فلا تقربه أمك هائل متى تلقه فالموت في رأس رمحه * وفي نفسه شغل لنفسك شاغل وما بعده في آخر الليل عاطف (2) * ولا قبله في أول الخيل حامل قال: فقال بسر لغلامه: ويحكم يا لاحق! وهل هو إلا الموت، والله لا بد من لقاء الله على أي الأحوال كان ذلك في موت أو قتل.
قال: ثم خرج بسر بن أرطاة إلى علي وهو ساكت لا ينطق بشيء خوفا من أن عرفه علي إذ هو تكلم. قال: ونظر إليه علي، فحمل عليه فسقط بسر على قفاه ورفع رجليه فانكشفت عورته، وصرف علي وجهه عنه، ووثب بسر قائما وسقطت البيضة عن رأسه، فصاحت أصحابه: يا أمير المؤمنين! انه بسر بن (أبي) أرطاة، فقال علي رضي الله عنه: دعوه فقد كان معاوية أولى بهذا الامر من بسر.
قال: فضحك معاوية من بسر ثم قال: لا عليك يا بسر! ارفع طرفك ولا تستحي، فقد نزل بعمرو مثل الذي نزل بك. قال: فصاح رجل من أهل الكوفة:
ويلكم يا أهل الشام! أما تستحون؟ لقد علمكم عمرو بن العاص في الحروب كشف السوءات، ثم إنه أنشأ وجعل يقول (3):

في وقعة صفين ص ٤٦٠ الغلام هو ابن عم لبسر جاء من الحجاز يخطب ابنته، ويفهم من رواية ابن مزاحم أن هذا الغلام حاول اقناع بسر بعدم مبارزة علي (رض). وذكر الأبيات باختلاف في بعض الالفاظ.
(2) عاطف: أراد به الذي يحمي المنهزمين (راجع اللسان مادة عطف).
(3) نسبت الأبيات عند ابن مزاحم إلى النضر بن الحارث.
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر وقعة الماء وهي أول وقعة صفين 5
2 ذكر الوقعة الثانية بصفين 14
3 ذكر ما جرى بعد ذلك من الكلام 51
4 حديث خالد بن المعمر السدوسي 55
5 ثم رجعنا إلى الخبر 56
6 حديث سودة بنت عمارة الهمذانية مع معاوية 59
7 ثم رجعنا إلى الخبر 61
8 حديث أم سنان المذحجية مع معاوية 65
9 ثم رجعنا إلى الخبر من صفين 68
10 ذكر ما جرى من المناظرة بين أبي نوح وذي الكلاع الحميري 71
11 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 81
12 حديث عدي بن حاتم الطائي مع معاوية 82
13 ثم رجعنا إلى الخبر 83
14 حديث الزرقاء بنت عدي الهمذانية مع معاوية 87
15 ثم رجعنا إلى الخبر 89
16 ثم رجعنا إلى الخبر 103
17 حديث عبد الله بن هاشم مع معاوية 124
18 ثم رجعنا إلى الخبر 126
19 ذكر مقتل عبيد الله بن عمر بن الخطاب 128
20 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 131
21 خبر عرار بن الأدهم 141
22 ذكر ما جرى من الكتب بين علي بن أبي طالب وبين معاوية وعمرو بن العاص وابن عباس لما عضهم سلاح أهل العراق 149
23 ذكر مقتل عمار بن ياسر رحمه الله 158
24 ذكر القوم الذين أنفذهم معاوية إلى علي بن أبي طالب يكلمونه في ضع الحرب 168
25 ذكر تحريض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على القتال 171
26 ذكر تحريض معاوية أصحابه على القتال 172
27 ذكر الواقعة الخميسية وهي وقعة لم يكن بصفين أشد منها وصفة ليلة الهرير 174
28 ذكر صفة ليلة الهرير 180
29 ذكر رفع المصاحف على رؤوس الرماح 181
30 ذكر امتناع القوم من القتال 182
31 ثم رجعنا إلى الخبر 188
32 ذكر ما كان بعد ذلك بينهم من المكاتبة 191