كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٣ - الصفحة ١٢٧
فأنت حر. قال فتقدم حرب غلام معاوية وهو يرتجز ويقول:
إني أنا الحرب وما بي من خور * لكنني قرم أبي مشتهر ذو صولة في المصميات الكفر * مولى ابن صخر وبه قد انتصر قال: ثم حمل وقاتل أشد قتال، فحمل عليه قنبر غلام علي رضي الله عنه فطعنه طعنة قتله. فاغتم معاوية لذلك غما شديدا فقال له بسر بن (أبي) أرطاة: ما لي أراك منكسر القلب على حرب! عليك بالتسلي عن حرب، واستعمل الشجاعة والصبر، فإنك كاتب النبي صلى الله عليه وآله وعامل عمر بن الخطاب وولي الخليفة المظلوم عثمان بن عفان، فقال معاوية: صدقت ولكن عليا يطول على بخصال شتى، بقرابته من الرسول، وقدمته في الاسلام، وبأسه في الحرب، فقال عمرو بن العاص: إنك إذا نظرت في هذا فإن له من الفضائل ما لا تحصى، أبوه سيد في بني هاشم وأمه سيدة في بني هاشم، وهو فقيه في حجر قريش، وقد بايعه (1) المهاجرون والأنصار، ولكن والله لنقاتلنه أو نرده على عقبيه صاغرا. قال: فلما سمع معاوية ذلك اشتد ظهره واجترى على الحرب.
فبلغ ذلك أصحاب علي رضي الله عنه، قال: فقال قيس بن سعد بن عبادة إلى علي فقال: أمير المؤمنين! لا يهولنك أمر ابن آكلة الأكباد، ومن معه من أصحابه، فوالله إنا لو قتلنا عن آخرنا حتى لا يبقى منا أحد لعلمنا أننا علي بصيرة من ديننا ويقين من أمرنا، فلا ترتفع بقول بسر بن (أبي) أرطاة فقبح الله بسرا وأصلاه نار جهنم. قال: فأثنى عليه علي رضي الله عنه وعلى قومه من الأنصار ثناء حسنا، فأنشأ قيس بن سعيد يقول:
نبثت بسرا أطال الله شقوته * قال المحال وعمرا دعوة العاص في عصبة الشام منهم كل ذي جيف * عاتي المقالة عند الحرب حياص قروا طليقا لامر ليس رغبتهم * إلا الفجور على ذي رغبة حاصي والراقصات بأشياخ محلقة * صلع الرؤوس كبيض الرأل جرياص ما في علي لأهل الشام من طمع * ليث العرين وأفعى بين أعياص (2)

(1) بالأصل: بايعوه تحريف.
(2) الأعياص من قريش وهم أولاد أمية بن عبد شمس الأكبر وهم أربعة: العاص وأبو العاص والعيص وأبو العيص.
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر وقعة الماء وهي أول وقعة صفين 5
2 ذكر الوقعة الثانية بصفين 14
3 ذكر ما جرى بعد ذلك من الكلام 51
4 حديث خالد بن المعمر السدوسي 55
5 ثم رجعنا إلى الخبر 56
6 حديث سودة بنت عمارة الهمذانية مع معاوية 59
7 ثم رجعنا إلى الخبر 61
8 حديث أم سنان المذحجية مع معاوية 65
9 ثم رجعنا إلى الخبر من صفين 68
10 ذكر ما جرى من المناظرة بين أبي نوح وذي الكلاع الحميري 71
11 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 81
12 حديث عدي بن حاتم الطائي مع معاوية 82
13 ثم رجعنا إلى الخبر 83
14 حديث الزرقاء بنت عدي الهمذانية مع معاوية 87
15 ثم رجعنا إلى الخبر 89
16 ثم رجعنا إلى الخبر 103
17 حديث عبد الله بن هاشم مع معاوية 124
18 ثم رجعنا إلى الخبر 126
19 ذكر مقتل عبيد الله بن عمر بن الخطاب 128
20 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 131
21 خبر عرار بن الأدهم 141
22 ذكر ما جرى من الكتب بين علي بن أبي طالب وبين معاوية وعمرو بن العاص وابن عباس لما عضهم سلاح أهل العراق 149
23 ذكر مقتل عمار بن ياسر رحمه الله 158
24 ذكر القوم الذين أنفذهم معاوية إلى علي بن أبي طالب يكلمونه في ضع الحرب 168
25 ذكر تحريض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على القتال 171
26 ذكر تحريض معاوية أصحابه على القتال 172
27 ذكر الواقعة الخميسية وهي وقعة لم يكن بصفين أشد منها وصفة ليلة الهرير 174
28 ذكر صفة ليلة الهرير 180
29 ذكر رفع المصاحف على رؤوس الرماح 181
30 ذكر امتناع القوم من القتال 182
31 ثم رجعنا إلى الخبر 188
32 ذكر ما كان بعد ذلك بينهم من المكاتبة 191