فأنت حر. قال فتقدم حرب غلام معاوية وهو يرتجز ويقول:
إني أنا الحرب وما بي من خور * لكنني قرم أبي مشتهر ذو صولة في المصميات الكفر * مولى ابن صخر وبه قد انتصر قال: ثم حمل وقاتل أشد قتال، فحمل عليه قنبر غلام علي رضي الله عنه فطعنه طعنة قتله. فاغتم معاوية لذلك غما شديدا فقال له بسر بن (أبي) أرطاة: ما لي أراك منكسر القلب على حرب! عليك بالتسلي عن حرب، واستعمل الشجاعة والصبر، فإنك كاتب النبي صلى الله عليه وآله وعامل عمر بن الخطاب وولي الخليفة المظلوم عثمان بن عفان، فقال معاوية: صدقت ولكن عليا يطول على بخصال شتى، بقرابته من الرسول، وقدمته في الاسلام، وبأسه في الحرب، فقال عمرو بن العاص: إنك إذا نظرت في هذا فإن له من الفضائل ما لا تحصى، أبوه سيد في بني هاشم وأمه سيدة في بني هاشم، وهو فقيه في حجر قريش، وقد بايعه (1) المهاجرون والأنصار، ولكن والله لنقاتلنه أو نرده على عقبيه صاغرا. قال: فلما سمع معاوية ذلك اشتد ظهره واجترى على الحرب.
فبلغ ذلك أصحاب علي رضي الله عنه، قال: فقال قيس بن سعد بن عبادة إلى علي فقال: أمير المؤمنين! لا يهولنك أمر ابن آكلة الأكباد، ومن معه من أصحابه، فوالله إنا لو قتلنا عن آخرنا حتى لا يبقى منا أحد لعلمنا أننا علي بصيرة من ديننا ويقين من أمرنا، فلا ترتفع بقول بسر بن (أبي) أرطاة فقبح الله بسرا وأصلاه نار جهنم. قال: فأثنى عليه علي رضي الله عنه وعلى قومه من الأنصار ثناء حسنا، فأنشأ قيس بن سعيد يقول:
نبثت بسرا أطال الله شقوته * قال المحال وعمرا دعوة العاص في عصبة الشام منهم كل ذي جيف * عاتي المقالة عند الحرب حياص قروا طليقا لامر ليس رغبتهم * إلا الفجور على ذي رغبة حاصي والراقصات بأشياخ محلقة * صلع الرؤوس كبيض الرأل جرياص ما في علي لأهل الشام من طمع * ليث العرين وأفعى بين أعياص (2)