يبايع فجاءت الزهراء باكية معولة وخلصته فذهب إلى قبر رسول الله ووقع عليه باكيا قائلا: " أخي إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني " وفي رواية " يا ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني " وقد مر ذلك بأسانيده.
ولا ننسى كيف أن رسول الله تحمل وصبر عندما كان في مكة أمام المشركين وقدرتهم، وغايته بهذا الصبر والتحمل الوصول إلى أهدافه، وما أوصى به رسول الله عليا (1) بالصبر والتحمل، وما صرح به علي حينما رأى سيدة النساء وقد رأت القوم يجورون عليهم ويعملون ما مر وعلي صابر لا يقابلهم وهو ذلك الضيغم المعهود، فوجهت له خطابها وقالت:
" اشتملت شملة الجنين وقعدت حجرة الظنين، نقضت قادمة الأجدل فخانك ريش الأعزل، هذا ابن أبي قحافة يبتزني نحلة أبي وبلغة ابني... إلى أن قالت: لقد أجهر في خصامي وألفيته ألد في كلامي... الخ " وهو خطاب طويل.
فسكت حتى أتمت خطبتها فأجابها بكلمة بليغة قصيرة (وخير الكلام ما قل ودل) قال لها: تعلمين أني لم آل جهدا لإقامة هذا الدين، فهل تريدين إبقاء هذا الدين المبين قائما واسم أبيك يذكر في كل أذان؟ فأجابت: منتهى أمنيتي ذلك، فأجابها:
إذا لا بد لك من الصبر فقد أوصاني بذلك أبوك خاتم المرسلين (صلى الله عليه وآله وسلم). إني لأعلم أن الصبر أولى وإلا فبامكاني سحق الأعداء واخذ حقي لكن اعلمي أنه لا يبقى بعد ذلك ذكر للاسلام لذا فاصبري على هضم حقك ولك في الآخرة أجر الصابرين.
وقد صبروا ولكم أظهر تلك الحقائق كلما سنحت له الظروف. وهاك نبذة من خطبته التي خطبها حينما علم أن طلحة والزبير نكثا بيعته وذهبا إلى البصرة: " فان