مهما بلغ علي من الشجاعة والتدبير والحزم والحكمة والايمان والاخلاص فهو بشر لا يخرج عن طاقته البشرية من جهة، وهو مقيد بأوامر الله ورسوله ونواهيهم من جهة أخرى، ولقد تحمل صبرا وتحمل فوق ما يستطيع أن يتحمله بشر من الصدمات الروحية تلك التي أفصح عنها بمرور الزمان وأخص منها في عهد خلافته، وأخص منها في خطبته الشقشقية الشهيرة التي ستأتي نبذ منها فيما بعد. ولقد حاول أبو بكر وعمر طمس الحقائق التي نزلت في ولاية علي ووصايته وما نزل فيه، بما لديهم من حول وقوة وبيدهم القدرة والسطوة فقربوا أعوانهم، والناس على دين ملوكهم، وأعطوهم المناصب والقدرة، وأبعدوا أولياء الله من آل البيت وبني هاشم، والنخبة من الصحابة الموالين لآل البيت وحجروا عليهم حتى الحديث والرواية وابداء الرأي مما يخالف آراءهم وأفكارهم ومنعوهم من الخروج إلى خارج المدينة كما منعوا أعوانهم من التحدث واعلان الرواية وكلما مر الزمان ازدادوا ثباتا وضعف آل البيت وأعوانهم، وقتل الصحابة وتفرقوا، وكثرت الحوادث الجديدة، وزادت الفتوح والوقائع، وتباعدت العهود، وبدأ النسيان يستولي على الماضي ودخل في الاسلام عناصر جديدة من المنافقين وأعداء الاسلام من الطلقاء، ومن أولئك الذين لعنهم رسول الله وأهدر دماءهم من بني أمية وآل معيط وابن العاص والمغيرة بن شعبة وأشباههم، وهم يتحينون الفرص للوقيعة أكثر فأكثر، والطيور على أمثالها تقع، فقد جاء أبو بكر بعمر
(٤١٠)