وقد أورد الشهرستاني في المقدمة الرابعة من كتاب الملل والنحل: " جهزوا جيش أسامة، لعن الله من تخلف عنه " فمن هو الذي تأخر؟ أليس الذين اغتنموها فرصة وكسبوا الخلافة رغم النصوص ولم يردعهم الامر واللعن، وحتى ما نعوا من الإتيان بالقلم والقرطاس لرسول الله ليكتب لهم ما لا يضلون بعده فقالوا: حسبنا كتاب الله، كأن رسول الله لا يعرف ذلك، وفاتهم ان رسول الله لما نص على مجملات القرآن من صلاة وزكاة وغيرهما كانت سنته وكتابه ملزمان معا. تخلفوا وخالفوا وهم واثقون من مرض موته، وانه بعدما بينه في حجة الوداع، وأدلى لهم انه دعي ويجيب، جميع القرائن والشواهد دلت على أنهم كانوا قد تهيأوا لها ودبروها رغم النصوص والأوامر، وهم يعلمون أولا وآخرا من هو أحق بالخلافة.
سبقه للإسلام، وقربا لرسول الله، وعلما وتقوى وشجاعة، وبلاء في الحروب والوقائع، وتضحية عن حياض الاسلام والرسالة وأخيرا الآيات القرآنية والنصوص النبوية التي أرادوا محوها فأبى الله ذلك. بيد أنهم أوجدوا فرقة ومحنة في الاسلام (الذي يجب ان يعم العالم) فتسببوا في تصدعه وتفرقته وضعفه بما بدأوا به وبما ختموا به اعمالهم في ايداع الخلافة إلى أشقى افراد اندمجوا بالإسلام والإسلام برئ منهم.