سنة 11 للهجرة لأربع بقين من صفر عبأ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) آخر سرية بنفسه واهتم بالسرية هذه اهتماما عظيما، وأمر أصحابه بالتهيؤ لها وحضهم حضا عظيما عليها ولم يبق أحد من وجوه المهاجرين والأنصار كأبي بكر وعمر وأبي عبيدة وسعد وأمثالهم إلا عبأه بالجيش، وذلك ما أجمع عليه أهل السير والاخبار، كطبقات ابن سعد، وتاريخ الطبري، وابن الأثير، والسيرة الحلبية، والسيرة الدحلانية، وغيرها. وفي النوادر مما أورده الحلبي عند ذكر هذه السرية ج 3 من سيرته قال: إن الخليفة المهدي لما دخل البصرة رأى إياس بن معاوية الذي يضرب به المثل في الذكاء وهو صبي ووراءه أربع مئة من العلماء وأصحاب الطيالسة، فقال المهدي: أف لهذه العثانين " أي اللحى " أما كان فيهم شيخ يتقدمهم غير هذا الحدث؟ ثم التفت إليه المهدي وقال: كم سنك يا فتى؟ فقال: سني ما أطال الله بقاء أمير المؤمنين سن أسامة بن زيد بن حارثة لما ولاه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جيشا فيه أبو بكر وعمر. فقال: " تقدم بارك الله فيك، قال الحلبي وكان سنه 17 سنة " فلما كان من الغد دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أسامة فقال له: سر إلى موضع قتل أبيك فأوطئهم الخيل فقد وليتك هذا الجيش فاغد صباحا على أهل ابنى وحرض عليهم وأسرع السير لتسبق الاخبار، فان أظفرك الله عليهم فأقل اللبث فيهم، وخذ معك الأدلاء، وقدم العيون والطلائع معك. بيد أن اليوم 28 صفرا بدأ مرض النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فحم وفي
(٢١٨)