وعمر فقلت: والله لأختارن في هذه الغزاة لنفسي رجلا من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) استهديه فاني لست أستطيع إتيان المدينة فاخترت ابا بكر ولم آل، وكان له كساء فدكي يحله عنه إذا ركب ويلبسه إذا نزل وهو الذي عيرته به هوازن بعد النبي وقالوا: لا نبايع ذا الحلال، فلما قضينا غزاتنا قلت له: يا أبا بكر! أني قد صحبتك وان لي عليك حقا فعلمني شيئا انتفع به، فقال: قد كنت أريد ذلك لو لم تقل لي: تعبد الله لا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة وتحج البيت، وتصوم شهر رمضان، ولا تتأمر على رجلين، فقلت: اما العبادات فقد عرفتها، أرأيت نهيك لي عن الامارة وهل يصيب الناس الخير والشر إلا بالامارة؟ فقال إنك مستجهد في فجهدت لك، إن الناس دخلوا في الاسلام طوعا وكرها وأجارهم الله من الظلم جيران الله وعواذ الله وفي ذمة الله فمن يظلم منكم إنما يحقر ربه، والله ان أحدكم ليأخذ شويهة جاره أو بعيره، فيظل عمله بأسا بجاره، والله من وراء جاره. قال: فلم يلبث إلا قليلا حتى اتتنا وفاة رسول الله فسألت: من استخلف بعده؟ قيل: أبو بكر، قلت: أصاحبي الذي كان ينهاني عن الامارة؟ (قالوا: نعم) (1)، فشددت على راحلتي فأتيت المدينة فجعلت اطلب خلوته حتى قدرت عليها، فقلت: أتعرفني؟ أنا فلان بن فلان، أتعرف وصية أوصيتني بها؟ قال: نعم. إن رسول الله قبض والناس حديثو عهد بالجاهلية، فخشيت أن يفتتنوا وان أصحابي حملونيها. فما زال يعتذر إلي حتى عذرته وصار من أمري بعد أن صرت عريفا (2). وأقول: لماذا اعتذر؟ وهو الذي عمل ما نهى عنه أمس وأرادها فتنة وارجاع الجاهلية لولا علي وتريضه وعدم مطالبته بحقه بالسيف وهو اشجع العرب وتشهد له العرب بذلك والكل يعلم بأنه وصي رسول الله، وهو عديل القرآن في وصية رسول الله " أوصيكم بالثقلين كتاب الله وعترتي
(٢٠٩)