طالب إلى الاقران بالسيف؟ فأيما قلت من ذلك بانت عداوتك لله تعالى ولرسوله، وان كان مشيه ليس على وجه مما ذكرت، وانما كان على وجه النصرة والقصد إلى المسابقة إلى ثواب الآخرة والجهاد في سبيل الله، واعزاز الدين، كنت بجميع ما قلت معاندا وعن سبيل الانصاف خارجا، وفي امام المسلمين طاعنا، وان تطرق مثل هذا الوهم على علي (عليه السلام) ليتطرقن مثله على أعيان المهاجرين والأنصار أرباب الجهاد والقتال، الذين نصروا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنفسهم ووقوه بمهجهم وفدوه بأبنائهم وآبائهم، فلعل ذلك كان لعلة من العلل المذكورة، وفي ذلك الطعن في الدين وفي جماعة المسلمين.
ولو جاز أن يتوهم هذا في علي (عليه السلام) وفي غيره لما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حكاية عن الله تعالى لأهل بدر " اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم "، ولا قال لعلي (عليه السلام) " برز الإيمان كله إلى الشرك كله " ولا قال: " أوجب طلحة " (1) وقد علمنا ضرورة من دين الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) تعظيمه لعلي (عليه السلام) تعظيما دينيا، لأجل جهاده ونصرته، فالطاعن فيه طاعن في رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، إذ زعم أنه قد يمكن ان يكون جهاده لا لوجه الله تعالى، بل لأمر آخر من الأمور التي عددها، وبعثه على التفوه بها إغواء الشيطان وكيده والافراط في عداوة من أمر الله بمحبته، ونهى عن بغضه وعداوته.
أترى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خفي عليه من امر علي (عليه السلام) ما لاح للجاحظ والعثمانية، فمدحه وهو غير مستحق للمدح!
قال الجاحظ: فصاحب النفس المختارة المعتدلة يكون قتاله طاعة وفراره معصية، لان نفسه معتدلة، كالميزان في استقامة لسانه وكفتيه فإذا لم يكن كذلك