فقال حسان: ما كان لي من حق فهو لك يا أبا ثابت، وأبى قومه، فغضب قيس ابنه غضبا شديدا وقال: عجبا لكم! ما رأيت كاليوم أن حسان قد ترك حقه، وتأبون أنتم، ما ظننت أن أحدا من الخزرج يرد أبا ثابت في أمر يهواه، فاستحيا القوم وأطلقوه من الوثاق.
فذهب به سعد إلى بيته فكساه حلة، ثم خرج صفوان حتى دخل المسجد ليصلي فيه، فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: صفوان؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: من كساه؟ قالوا: سعد بن عبادة، قال: كساه الله من ثياب الجنة، ثم كلم سعد بن عبادة حسان بن ثابت، فقال: لا أكلمك أبدا إن لم تذهب إلى رسول الله " صلى الله عليه وسلم " فتقول كل حق لي قبل صفوان فهو لك يا رسول الله، فأقبل حسان في قومه حتى وقف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
يا رسول الله! كل حق لي قبل صفوان بن معطل فهو لك، قال: قد أحسنت وقبلت ذلك، وأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضا براحا، وهي بيرحاء وما حولها، وسيرين، وأعطاه سعد بن عبادة حائطا كان يجد مالا كثيرا عوضا له مما عفا عن حقه.
وقد روي أن حسان حبس صفوان، فلما برأ حسان أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه فقال: يا حسان، أحسن فيما أصابك، فقال: هو لك يا رسول الله، فأعطاه براحا، وأعطاه سيرين عوضا، فولدت له عبد الرحمن ابن سيرين.
وقال ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر، حدثنا فائد مولى عبد الله، عن عبد الله بن علي بن أبي رافع، عن جدته سلمى، قالت: كان خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا، وخضرة، ورضوى، وميمونة بنت سعد، أعتقهن رسول الله " صلى الله عليه وسلم " كلهن (1).