إسلام أخيها عمر رضي الله عنه، ولها في إسلامه قصة حسنة (1).
(١) لما كانت فاطمة بنت الخطاب بن نفيل القرشية من فواضل نساء عصرها، كانت ذا إيمان قوي بالله وبالاسلام، وأسلمت قديما، فكانت من المبايعات الأول، وكانت تخفي إسلامها من أخيها عمر، وكان خباب بن الأرت يختلف إلى فاطمة يقرئها القرآن.
فخرج عمر بن الخطاب ذات يوم متقلدا بسيفه، يريد أن يقتل محمدا صلى الله عليه وسلم، فلقيه رجل من بني زهرة فقال: أين تعمد يا عمر؟ قال: أريد أن أقتل محمدا، قال: وكيف نأمن من بني هاشم وبني زهرة وقد قتلت محمدا؟ قال: ما أراك إلا قد صبوت. قال: أفلا أدلك على العجب؟ إن ختنك سعيد ابن زيد، وأختك فاطمة قد صبوا، وتركا دينك.
فمشى عمر فأتاهما، وعندهما خباب بن الأرت فلما سمع خباب بحس عمر توارى في البيت، فدخل عمر، فقال: ما هذه الهينمة التي سمعت؟ وكانت فاطمة قد أخذت صحيفة من القرآن فجعلتها تحت فخذها، فقالا له: ما سمعت شيئا، قال: بلى، والله لقد أخبرت أنكما تابعتما محمدا في دينه، وبطش بختنه سعيد.
فقامت إليه فاطمة لتكفه عن زوجها، فضربها فشجها، فلما فعل ذلك قالت له أخته وختنه: نعم، قد أسلمنا وآمنا بالله ورسوله، فاصنع ما بدا لك. فلما رأى عمر ما بأخته من الدم ندم على ما صنع، فارعوى وقال لأخته: أعطيني هذه الصحيفة التي سمعتكم تقرؤون آنفا، أنظر ما هذا الذي جاء به محمد، فقالت له أخته: إنا نخشاك عليها.
قال: لا تخافي، وحلف لها بآلهته ليردنها إذا قرأها إليها. فلما قال ذلك طمعت في إسلامه، فقالت له: يا أخي، إنك نجس على شركك، وإنه لا يمسها إلا الطاهر، فقام عمر فاغتسل، فأعطته الصحيفة وفيها: (طه)، فقرأها، فلما قرأ منها صدرا قال: ما أحسن هذا الكلام وأكرمه!.
فلما سمع خباب ذلك. خرج إليه فقال له: يا عمر، والله إني لأرجو أن يكون الله قد خصك بدعوة نبيه، فإني سمعته أمس وهو يقول: اللهم أيد الإسلام بأبي الحكم بن هشام، أو بعمر بن الخطاب، فالله الله يا عمر. فقال له عمر عند ذلك: فدلني يا خباب على محمد حتى آتيه فأسلم، فقال له خباب: هو في بيت عند الصفا، معه فيه نفر من أصحابه.
فأخذ عمر سيفه فتوشحه، ثم عمد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فضرب عليهم الباب، فلما سمعوا صوته قال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر من خلل الباب، فرآه متوشحا السيف، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فزع فقال: يا رسول الله، هذا عمر بن الخطاب متوشحا السيف. فقال حمزة بن عبد المطلب: فأذن له، فإن كان جاء يريد خيرا بذلناه له، وإن كان يريد شرا قتلناه بسيفه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ائذن له، فأذن له الرجل، ونهض إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى لقيه بالحجرة، فأخذ بحجزته أو بمجمع ردائه، ثم جبذه جبذة شديدة وقال: ما جاء بك يا ابن الخطاب؟ فوالله ما أرى أن تنتهي حتى ينزل الله بك قارعة.
فقال عمر: يا رسول الله، جئتك لأؤمن بالله وبرسوله، وما جاء من عند الله، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبيرة عرف أهل البيت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عمر قد أسلم، فتفرق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكانهم، وقد عزوا في أنفسهم حين أسلم عمر مع إسلام حمزة، وعرفوا أنهما سيمنعان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينتصفون بهما من عدوهم. (أعلام النساء): 4 / 50 - 52، (سيرة ابن هشام): 2 / 92، 187 - 188، (طبقات ابن سعد): 8 / 95، (الإصابة): 8 62 - 63، ترجمة رقم (11590)، (الإستيعاب): 4 / 1892، ترجمة رقم (4056)، (المستدرك): 4 / 65 - 66.