إلى الرشد، أي إلى مراشد الأمور، وقيل: إلى معرفة الله، فآمنا به أي فاهتدينا به، وصدقنا أنه الذي من عند الله، ولن نشرك بربنا أحدا، أي لا نرجع إلى إبليس ولا نطيعه، لأنه الذي كان بعثهم ليأتوه بالخبر [لما] (1) رمى الجن بالشهب.
وقيل: لا نتخذ مع الله إلها آخر لأنه المنفرد بالربوبية، (وأنه تعالى جد ربنا)، أي عظمته وجلاله. قاله عكرمة ومجاهد وقتادة، وعن مجاهد أيضا ذكره.
وقال أنس بن مالك والحسن وعكرمة أيضا عنهم. وقال أبو عبيد: أي ذي الغناء منك الغنى. وقال ابن عباس: قدرته. وقال الضحاك: فعله. وقال القرطبي والضحاك أيضا: آلاؤه ونعمه على خلقه. وقال أبو عبيد والأخفش: ملكه وسلطانه. وقال السدي: أمره. وقال سعيد بن جبير: (وأنه تعالى جد ربنا) أي تعالى ربنا. وقيل غير ذلك.
ومعنى الآية: وأنه تعالى جلال ربنا أن يتخذ صاحبة أو ولدا للاستئناس بهما أو الحاجة إليهما، فإن الرب يتعالى عن ذلك، كما يتعالى عن الأنداد والنظراء (وأنه كان يقول سفيهنا) أي إبليس. قاله مجاهد وابن جريح وقتادة. ورواه أبو بردة ابن أبي موسى عن [أبيه] (1)، عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، وقيل: سفيهنا: المشركون من الجن، والشطط والاشتطاط: الغلو في الكفر. وقيل: الجور. وقيل: هو الكذب (وأنا ظننا) أي حسبنا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا، فلذلك صدقناهم أن لله صاحبة وولدا، حتى سمعنا القرآن وتبينا به الحق، (وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن) أي أن [الرجل] (1) كان إذا نزل بواد قال:
أعوذ بسيد هذا الوادي من شر سفهاء قومه، فيبيت في جواره حتى يصبح، وكان أول من تعوذ بالجن قوم من أهل اليمن، ثم من بني حنيفة، ثم فشا ذلك في العرب، فلما جاء الله بالإسلام تعوذوا بالله وتركوهم، (فزادوهم رهقا) أي إثما، (وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا) أي ظنت الجن كما ظنت الإنس أن لن يبعث الله رسولا إلى خلقه، يقيم به الحجة عليهم، وكان هذا هو توكيد الحجة على قريش، أي إذا آمن هؤلاء الجن بمحمد فأنتم أحق بذلك، (وأما لمسنا السماء ) أي طلبنا خبرها كما جرت عادتنا، فوجدناها قد ملئت حرسا