بقي في الجيش وعاء إلا ملؤوه وبقي مثله، فضحك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى بدت نواجذه وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، لا يلقى الله بهما عبد مؤمن بهما إلا حجبته عن النار (1).
وخرج البيهقي - رحمه الله تعالى - من حديث سعيد بن سلمة قال: حدثني أبو بكر بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن [عبد الله بن] (2) أبي ربيعة، أنه سمع أبا خنيس الغفاري يقول: خرجت مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في غزوة تهامة، حتى إذا كنا بعسفان جاء أصحابه فقالوا: يا رسول الله! جهدنا الجوع فأذن لنا في الظهر أن نأكله، قال: نعم، فأخبر بذلك عمر رضي الله عنه فقال: يا نبي الله! ما صنعت؟ أمرت الناس أن يأكلوا الظهر، فعلام يركبون؟ قال: فما ترى يا ابن الخطاب؟ قال: أن تأمرهم - وأنت أفضل رأيا - فيجمعوا فضل (3) أزوادهم في ثوب، ثم تدعو الله لهم، فإن الله يستجيب لك فأمرهم فجمعوا فضل أزوادهم في ثوب، ثم دعا الله لهم ثم قال: ائتوا بأوعيتكم، فملأ كل إنسان وعاءه، ثم أذن النبي (صلى الله عليه وسلم) بالرحيل، فلما ارتحلوا مطروا ما شاءوا، ونزل النبي (صلى الله عليه وسلم) ونزلوا معه، وشربوا من ماء السماء وهم بالكراع، ثم خطبهم به فجاء ثلاثة، فجلس اثنان مع النبي (صلى الله عليه وسلم) وذهب آخر معرضا، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): ألا أخبركم عن النفر الثلاثة؟ أما واحد فاستحيا من الله فاستحيا الله منه، وأما الآخر فأقبل تائبا إلى الله فتاب الله عليه، وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه (4).