أنيس بصرمتنا (1) ومثلها معها.
قال: وقد صليت يا بن أخي قبل أن ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين فقلت:
لمن؟ قال: لله تعالى، قلت: فأين توجه؟ قال: أتوجه حيث يوجهني ربي، أصلي عشاء حتى إذا كان من آخر الليل ألقيت كأني خفاء (2) حتى تعلوني الشمس، فقال: أنيس: إن لي حاجة بمكة فاكفني، فانطلق أنيس حتى أتى مكة فراث (3) علي ثم جاء فقلت: ما صنعت؟ قال: لقيت رجلا بمكة على دينك يزعم أن الله أرسله؟.
قلت: فما يقول الناس؟ قال: يقولون: شاعر، كاهن، ساحر - وكان أنيس أحد الشعراء - قال أنيس: لقد سمعت قول الكهنة فما هو قولهم، ولقد وضعت قوله على أقراء الشعر فما يلتئم على لسان أحد بعدي أنه شعر، والله إنه لصادق وإنهم لكاذبون، قال: قلت: فاكفني حتى أذهب فأنظر، قال: فأتيت مكة فتضعفت (4) رجلا منهم فقلت: أين هذا الذي تدعونه الصابئ؟ فأشار إلي فقال: الصابئ؟؟ فمال علي أهل الوادي بكل مدره وعظمه حتى خررت مغشيا علي، قال: فارتفعت حين ارتفعت كأني نصب (5) أحمر، قال: فأتيت زمزم فغسلت عني الدماء وشربت من مائها، ولقد لبثت بابن أخي ثلاثين بين ليلة ويوم، وما كان لي طعام إلا ماء زمزم، فسمنت حتى تكسرت عكن (6) بطني، وما وجدت على كبدي سخفة (7) جوع، قال: فبينا أهل مكة في ليلة قمراء (8)