إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٣ - الصفحة ١٧٨
أكثر مما كان في غيرها، لغلبة البرد واليبس على سائر الأمم قبلنا، وإن كانوا أذكياء وعلماء فآحاد مهم معينون بخلاف الأمة المحمدية، ألا ترى كيف ترجمت هذه الأمة جميع علوم الأمم، ولو لم يكن المترجم عالما بالمعنى الذي دل عليه لفظ المتكلم به لما صح أن يكون مترجما، ولا كان ينطبق على ذلك اسم الترجمة، فقد علمت هذه الأمة علم من تقدم، واختصت بعلوم لم تكن للمتقدمين، ولهذا أشار صلى عليه وسلم بقوله:
" فعلمت علم الأولين "، وهم الذين تقدموه، ثم قال: " وعلم الآخرين "، وهو علم ما لم يكن عند المتقدمين، وهو ما تعلمته أمة من بعده إلى يوم القيامة، فقد أخبر عليه السلام أن عندنا علوما لم يكن قبل، فقد ثبت له صلى الله عليه وسلم السيادة في الدنيا في العلم، وثبت له أيضا السيادة في الحكم حيث قال: " لو كان موسى حيا ما وسعه إلا أن يتبعني "، وتبين ذلك عند نزول عيسى عليه السلام، وحكمه فينا بالقرآن، فصحت لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم السيادة في الدنيا بكل وجه ومعنى.
ثم أثبت له السيادة على سائر الناس يوم القيامة بفتحه باب الشفاعة، ولا يكون ذلك [لنبي في (1) يوم القيامة] إلا له صلى الله عليه وسلم، فقد شفع صلى الله عليه وسلم في الرسل والأنبياء أن تشفع، نعم، وفي الملائكة، فأذن الله تعالى عند شفاعته عليه السلام في ذلك لجميع من له شفاعة من ملك ورسول ونبي ومؤمن أن يشفع، فهو صلى الله عليه وسلم أول شافع بإذن الله تعالى، وأرحم الراحمين، أخرج من النار من لم يعمل خيرا قط كما ورد في الحديث الصحيح، فأي شرف أعظم من دائرة تدار يكون آ خرها أرحم الراحمين، وآخر الدائرة متصل بأولها، ولا شرف أعظم من شرف محمد صلى الله عليه وسلم، حيث كان ابتداء الأشياء، وبه كملت، وما أعظم شرف المؤمن حيث ثلث شفاعته بشفاعة أرحم الراحمين، فلا دائرة أوسع من دائرة محمد صلى الله عليه وسلم، فإن له الإحاطة - [ولأمته بحكم التبعية فلها الإحاطة] (2) - بسائر الأمم، وبذلك كانوا شهداء على الناس (3).

(1) في (خ) " ولا يكون ذلك لنبي إلا في يوم القيامة "، وهو خطأ من الناسخ.
(2) ما بين القوسين من هامش (خ).
(3) إشارة إلى قوله تعالى: (وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس) [الحج: 78].
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 173 174 176 177 178 179 181 182 182 186 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر مجيء الملك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم برسالات ربه تعالى 3
2 ذكر الاختلاف في أول سورة من القرآن أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم 3
3 ذكر الاختلاف في شق صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم، متى كان وأين وقع؟ 32
4 ذكر مجيء جبرئيل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم في الصورة التي خلقه الله عليها 39
5 ذكر كيفية إلقاء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 45
6 ذكر تعليم جبرئيل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الوضوء والصلاة 53
7 وأما إقامة جبريل عليه السلام أوقات الصلاة للنبي صلى الله عليه وسلم وأنه أمه فيها 60
8 ذكر الجهة التي كان صلى الله عليه وسلم يستقبلها في صلاته 81
9 ذكر من قرن برسول الله صلى الله عليه وسلم من الملائكة 94
10 فصل في ذكر الفضائل التي خص الله تعالى بها نبيه ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم وشرفه بها على جميع الأنبياء 95
11 فأما أنه صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين 96
12 وأما مخاطبة الله له بالنبوة والرسالة، ومخاطبة من عداه من الأنبياء باسمه 105
13 وأما دفع الله عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما قرفه به المكذبون، ونهى الله تعالى العباد عن مخاطبته باسمه 108
14 وأما دفع الله تعالى عن النبي صلى الله عليه وسلم ما قرفه المكذبون له 111
15 وأما مغفرة ذنبه من غير ذكره تعالى له خطأ ولا زلة 112
16 وأما أخذ الله تعالى الميثاق على جميع الأنبياء أن يؤمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، وينصروه إن أدركوه 116
17 وأما عموم رسالته إلى الناس جميعا وفرض الإيمان به على الكافة، وأنه لا ينجو أحد من النار حتى يؤمن به صلى الله عليه وسلم 122
18 وأما فرض طاعته، فإذا وجب الإيمان به وتصديقه بما جاء به وجبت طاعته لأن ذلك مما أتى به 132
19 وأما وجوب اتباعه وامتثال سنته والاقتداء بهديه صلى الله عليه وسلم 145
20 وأما أمر الكافة بالتأسي به قولا وفعلا 154
21 وأما اقتران اسم النبي صلى الله عليه وسلم باسم الله تعالى 167
22 وأما تقدم نبوته صلى الله عليه وسلم قبل تمام خلق آدم عليه السلام 169
23 ذكر التنويه بذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم من زمن آدم عليه السلام 187
24 وأما شرف أصله، وتكريم حسبه، وطيب مولده صلى الله عليه وسلم 204
25 وأما أن أسماءه خير الأسماء 216
26 وأما قسم الله تعالى بحياته صلى الله عليه وسلم 221
27 وأما تفرده بالسيادة يوم القيامة على جميع الأنبياء والرسل وأن آدم ومن دونه تحت لوائه صلى الله عليه وسلم 224
28 فصل في ذكر المفاضلة بين المصطفى وبين إبراهيم الخليل صلوات الله عليهما وسلامه 241
29 وأما اختصاصه صلى الله عليه وسلم بالشفاعة العظمى يوم الفزع الأكبر 263
30 ذكر المقام المحمود الذي وعد الله تعالى به الرسول صلى الله عليه وسلم 288
31 تنبيه وإرشاد 292
32 إيضاح وتبيان 295
33 وأما حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الكوثر 297
34 وأما كثرة أتباعه صلى الله عليه وسلم 309
35 وأما الخمس التي أعطيها صلى الله عليه وسلم 311
36 وأما أنه بعث بجوامع الكلم وأوتي مفاتيح خزان الأرض 315
37 وأما تأييده بقتال الملائكة معه 319
38 وأما أنه خاتم الأنبياء 334
39 وأما أن أمته خير الأمم 338
40 وأما ذكره صلى الله عليه وسلم في كتب الأنبياء وصحفهم وإخبار العلماء بظهوره حتى كانت الأمم تنتظر بعثته صلى الله عليه وسلم 345
41 ثم جاءني محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم 378
42 وأوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 379
43 ومن إعلامه في التوراة 385
44 ومن إعلامه في التوراة أيضا 386
45 ومن ذكر شعيا له 387
46 ومن ذكر شعيا له 388
47 وفي حكاية يوحنا عن المسيح 390
48 وفي إنجيل متى 391
49 وذكر شعيا طريق مكة فقال: 394
50 وأما سماع الأخبار بنبوته من الجن وأجواف الأصنام ومن الكهان 396