وأما أمر الكافة بالتأسي به قولا وفعلا فقال تعالى: ﴿لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر﴾ (١)، فأمر تعالى بالتأسي به صلى الله عليه وسلم أمرا مطلقا، لم يستثن من التأسي به شيئا بخلاف أمره تعالى بالتأسي بإبراهيم عليه [السلام] (٢)، فإنه استثني بالتأسي به، قال تعالى: ﴿قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومه إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العدواة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك﴾ (3)، فحث تعالى المؤمنين أن يتأسوا بإبراهيم عليه السلام والذين معه من أنبياء الله فيما ذكر تعالى، ثم استثني من التأسي به استغفاره عليه السلام لأبيه، فنهي المؤمنين عن التأسي به في ذلك. قال ابن نجيح عن مجاهد: (إلا قول إبراهيم لأبيه)، قال: نهوا أن يتأسوا به في استغفاره لأبيه، فيستغفروا للمشركين. وقال مطرب عن مجاهد: (أسوة حسنة في إبراهيم) إلى قوله: (لأستغفرن لك) يقول تعالى: ائتسوا به في كل شئ ما خلا قوله لأبيه: (لأستغفرن لك) فلا تأسوا بذلك منه، فإنها كانت عن موعدة وعدها إياه.
وقال معمر عن قتادة: يقول: لا تأتسوا بذلك منه فإنه كان عليه موعدا، وتأسوا بأمره كله. وقال ابن وهب: قال ابن زيد: قول الله تعالى: (قد كان لكم أسوة حسنة في إبراهيم) إلى قوله: (إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك) قال: يقول: ليس لكم في أسوة. وقال محمد بن علي الترمذي:
الأسوة في الرسول صلى الله عليه وسلم الاقتداء به والاتباع لسنته وترك مخالفته في قول أو فعل.
وقال الإمام محمد بن عمر الرازي: اختلفوا في أن فعل رسول صلى الله عليه وسلم بمفرده،