وأما مغفرة ذنبه من غير ذكره تعالى له خطأ ولا زلة فقد خرج الحاكم من حديث الحكم بن إبان قال: سمعت عكرمة يقول: قال ابن عباس: إن الله فضل محمدا صلى الله عليه وسلم على جميع الأنبياء وعلى جميع أهل السماء، وفضله على أهل الأرض، قالوا: يا ابن عباس!! بم فضله على أهل السماء؟ قال:
قال الله تعالى: ﴿ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين﴾ (١)، وقال لمحمد: ﴿إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر﴾ (٢) الآية، قالوا: فبم فضله على أهل الأرض؟ قال: قال الله تعالى: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم) (٣)، الآية، وقال لمحمد: (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا) (٤)، فأرسله إلى الجن والإنس، قال الحاكم: هذا حديث صحيح.
واعلم أن من تقدم الرسول صلى الله عليه وسلم من الأنبياء ذكر الله تعالى أحوالهم (و) (٥) ما كان منهم يقصه تعالى على ما غفره لهم، قال تعالى في قصة موسى: ﴿رب إني قتلت منهم نفسا﴾ (٦)، وقال: ﴿إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له﴾ (٧)، فقص تعالى ما غفر له وسأل فيه المغفرة، وقال تعالى عن داود: ﴿وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط * إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب * قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعموا الصالحات وقليل ما هم وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب فغفرنا له ذلك﴾ (8)، فقص تعالى على