وأما عموم رسالته إلى الناس جميعا وفرض الإيمان به على الكافة، وأنه لا ينجو أحد من النار حتى يؤمن به صلى الله عليه وسلم فاعلم أن الإيمان به صلى الله عليه وسلم هو التصديق بنبوته وإرسال الله تعالى له وتصديقه في جميع ما جاء به من الله وما قاله، ومطابقة تصديق القلب بذلك شهادة اللسان بأنه رسول الله، فإذا اجتمع التصديق بالقلب والنطق بالشهادة باللسان، تم الإيمان به والتصديق له، قال الله تعالى: ﴿فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا﴾ (١)، وقال: (إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله (٢)، وقال:
(فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يجدونه) (٣) الآية، فالإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم واجب لا يتم الإيمان إلا به، ولا يصح الإسلام إلا معه، وقد تقرر بما تقدم ثبوت نبوته وصحة رسالته، فوجب الإيمان به وتصديقه فيما أتى به وتعين ذلك، قال تعالى: ﴿ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا أعتدنا للكافرين سعيرا﴾ (٤)، وقال تعالى: (وما أرسلناك إلا كافة للناس) (٥)، وقال: ﴿يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا﴾ (٦)، وقال: ﴿وأرسلناك للناس رسولا وكفى بالله شهيدا﴾ (7)، أي على رسالتك يشهد لك بإظهار المعجزات على صدقك، إذ المعجزة في قول الله تعالى: صدق عبدي في أنه رسول، والثانية مقررة للأولى، لأنه إنما تثبت عموم دعوته بإخباره، وما ورد على لسانه، وخبره إنما يقبل إذا ثبت صدقه، وصدقه إنما ثبت بالمعجزات، فإذن نظم الدليل هكذا: محمد صلى الله عليه وسلم أتى بالمعجزات فهو صادق، وكل صادق يجب قبول خبره بعموم دعوته، وهو المطلوب.
وخرج مسلم من حديث يزيد بن زريع قال: حدثنا روح عن العلاء بن