فصل في ذكر الفضائل التي خص الله تعالى بها نبيه ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم وشرفه بها على جميع الأنبياء إعلم أن الله تعالى فضل رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بفضائل عديدة ميزه بها وشرفه على من عداه من الأنبياء عليهم السلام، فجعله رحمة للعالمين، ولم يخاطبه باسمه وإنما خاطبه بالنبوة والرسالة التي لا أجل منها ولا أعظم، ونهى تعالى الأمة أن يخاطبوه باسمه، ودفع عنه ما قذفه به المشركون، وغفر له منا تقدم من ذنبه وما تأخر، ولم يذكر له ذنبا ولا زلة، وأخذ الميثاق على جميع الأنبياء أن يؤمنوا به إن أدركوه، وأمر الناس أن يتأسوا به فعلا وقولا، وفرض طاعته على الكافة، وقرن اسمه تعالى باسمه، وقدم نبوته قبل خلق آدم عليه السلام، ونوه باسمه من عهد آدم، وشرف أصله، وكرم حسبه ونسبه، وطيب مولده، وسماه بخير الأسماء، وأقسم بحياته، وأفرده بالسيادة يوم القيامة على جميع الأنبياء، فآدم ومن دونه تحت لوائه، وخصه بالشفاعة العظمى يوم الفزع الأكبر وبالحوض المورود، وجعله أعظم الأنبياء تبعا، وأعطاه خمسا لم يعطهن أحدا قبله، وبعث بجوامع الكلم، وأولى مفاتيح خزائن الأرض، وأمده الله بالملائكة حتى قاتلت معه، وختم به الأنبياء، وجعل أمته خير الأمم، وذكره في كتب الأنبياء وصحفهم، وأنطق العلماء بالبشارة به حتى كانت بعثته صلى الله عليه وسلم تنتظرها الأمم، وسمع الأخبار بنبوته صلى الله عليه وسلم من هواتف الجن ومن أجواف الأصنام ومن رجز الكهان، صلى الله تعالى عليه وعلى جميع الأنبياء وعظم وكرم * * *
(٩٥)