ومن ذكر شعيا له قال: أنا لله عظمتك بالحق وأيدتك، وجعلتك نور الأمم وعهد الشعوب، لتفتح أعين العميان وتنقذ الأسرى من الظلمات إلى النور، وقال في الفصل الخامس من إليا: إن سلطانه على كتفه - يريد علامة نبوته - هذا في التفسير السرياني، وأما في العبراني فإنه يقول: إن على كتفه علامة النبوة.
قال ابن قتيبة: ومن ذكر داود عليه السلام له في الزبور: سبحوا الرب تسبيحا حديثا، سبحوا الذي هيكله الصالحون، ليفرح إسرائيل بخالقه، وبيوت صهيون من أجل أن الله اصطفاه لكرامته، وأعطاه النصر، وسدد الصالحين منهم بالكرامة، يسبحون على مضاجعهم، ويكبرون الله بأصوات مرتفعة، بأيديهم سيوف ذات شفرتين لينتقموا لله من الأمم الذين لا يعبدونه، يوثقون ملوكهم بالقيود وأشرافهم بالأغلال، قال: فمن هذه الأمة التي سيوفها ذات شفرتين غير العرب؟ ومن المنتقم بها من الأمم الذين لا يعبدون الله؟ ومن المبعوث بالسيف من الأنبياء غير نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم)؟ ومن خرت الأمم تحته غيره؟ ومن قرنت شرائعه بالهيبة، فأما القبول أو الجزية أو السيف ونحوه، فقوله (صلى الله عليه وسلم): نصرت بالرعب.
قال: وفي مزمور آخر: أن الله أظهر من صهيون إكليلا محمودا، قال:
ضرب الإكليل مثلا للرياسة والأمانة، ومحمود هو محمد (صلى الله عليه وسلم). قال: وفي مزمور آخر: من صفته أنه يجوز من البحر إلى البحر، ومن لدن الأنهار إلى منقطع الأرض، أنه تخر أهل الجزائر بين يديه على ركبهم، ويلحس أعداؤه التراب، تأتيه الملوك بالقرابين وتسجد له، وتدين له الأمم بالطاعة والانقياد، وليخلص البائس المضطهد ممن هو أقوى منه، وينقذ الضعيف الذي لا ناصر له، ويرأف بالضعفاء والمساكين، وأنه يعطي من ذهب من بلاد سبأ، ويصلي عليه ويبارك في كل يوم، ويدوم ذكره إلى الأبد.
قال ابن قتيبة: فمن هذا الذي ملك ما بين البحر والبحر، وما بين دجلة