هل يدل على حكم في حقنا أم لا؟ على أربعة أقوال:
أحدها: أنه للوجوب وهو قول ابن شريج وأبي سعيد الإصطخري، وأبي على ابن خيران.
وثانيها: أنه للندب ونسب ذلك إلى الشافعي رحمه الله.
وثالثها: أنه للإباحة وهو قول مالك رحمه الله.
ورابعها: أنه يتوقف على الكل، وهو قول الصيرفي وأكثر المعتزلة، وهو المختار لنا، إنا إذا جوزنا في ذلك الفعل أن يكون ذنبا له ولنا، وحينئذ لا يجوز لنا فعله، وإن لم نجوز الذنب عليهم جوزنا كونه مباحا ومندوبا وواجبا، وبتقدير أن يكون واجبا جوزنا أن يكون ذلك من خواصه، وأن لا يكون، ومع احتمال هذه الأقسام امتنع الجزم بواحد منها، واحتج القائلون بالوجوب بالقرآن والاجماع والمعقول، وأما القرآن: فسبع آيات.
[أولها]: قوله تعالى: (فليحذر اللذين يخالفون عن أمره)، والأمر حقيقة الفعل، والتحذير عن مخالفة فعله يقتضي وجوب موافقة فعله.
وثانيها: قوله تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر)، وهذا يجري مجرى الوعيد فيمن ترك التأسي به، ولا معنى للتأسي إلا أن يفعل الإنسان مثل فعله.
وثالثها: قوله تعالى: (فاتبعوه)، وظاهر الأمر للوجوب، والمتابعة هي الإتيان بمثل فعله.
ورابعها: قوله تعالى: (إن كنتم تحبون الله فاتبعوني)، دلت الآية على أن محبته تعالى مستلزم للمتابعة، لكن المحبة واجبة بالإجماع، ولازم الواجب واجب، فمتابعة واجبة.
وخامسها: قوله تعالى: (وما آتاكم الرسول فخذوه)، فإذا فعل فعلا فقد أتانا بالفعل، فوجب علينا أن نأخذه.
وسادسها: قوله تعالى: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول لعلكم...)،