وفي يوم الثلاثاء رابع شعبان درس بالشامية الجوانية شهاب الدين أحمد بن جهبل، حضر عنده القاضي القزويني الشافعي وجماعة عوضا عن الشيخ أمين الدين سالم بن أبي الدر إمام مسجد ابن هشام توفي، ثم بعد أيام جاء توقيع بولاية القاضي الشافعي فباشرها في عشرين رمضان. وفي عاشر شوال خرج الركب الشامي وأميره سيف الدين جوبان، وحج عامئذ القاضي شمس الدين ابن مسلم قاضي قضاة الحنابلة، وبدر الدين ابن قاضي القضاة جلال الدين القزويني، ومعه تحف وهدايا وأمور تتعلق بالأمير سيف الدين أرغون نائب مصر، فإنه حج في هذه السنة ومعه أولاده وزوجته بنت السلطان، وحج فخر الدين ابن شيخ السلامية، وصدر الدين المالكي، وفخر الدين البعلبكي وغيره.
وفي يوم الأربعاء عاشر ذي القعدة درس بالحنبلية برهان الدين أحمد بن هلال الزرعي الحنبلي، بدلا عن شيخ الاسلام ابن تيمية، وحضر عنده القاضي الشافعي وجماعة من الفقهاء وشق ذلك على كثير من أصحاب الشيخ تقي الدين، وكان ابن الخطيري الحاجب قد دخل على الشيخ تقي الدين قبل هذا اليوم فاجتمع به وسأله عن أشياء بأمر نائب السلطنة. ثم يوم الخميس دخل القاضي بدر الدين بن جملة وناصر الدين مشد الأوقاف، وسألاه عن مضمون قوله في مسألة الزيارة، فكتب ذلك في درج وكتب تحته قاضي الشافعية بدمشق: قابلت الجواب عن هذا السؤال المكتوب على خط ابن تيمية إلى أن قال: وإنما المحز جعله زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وقبور الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم معصية بالاجماع مقطوعا بها، فانظر الآن هذا التحريف على شيخ الاسلام، فإن جوابه على هذه المسألة ليس فيه منع زيارة قبور الأنبياء والصالحين، وإنما فيه ذكر قولين في شد الرحل والسفر إلى مجرد زيارة القبور، وزيارة القبور من غير شد رحل إليها مسألة، وشد الرحل لمجرد الزيارة مسألة أخرى، والشيخ لم يمنع الزيارة الخالية عن شد رحل، بل يستحبها ويندب إليها، وكتبه ومناسكه تشهد بذلك، ولم يتعرض إلى هذه الزيارة في هذه الوجه في الفتيا، ولا قال إنها معصية، ولا حكى الاجماع على المنع منها، ولا هو جاهل قول الرسول " زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة " (1) والله سبحانه لا يخفى عليه شئ، ولا يخفى عليه خافية، (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) [الشعراء: 227].
وفي يوم الأحد رابع ذي القعدة فتحت المدرسة الحمصية تجاه الشامية الجوانية، ودرس بها محيي الدين الطرابلسي قاضي هكار، وتلقب بأبي رباح، وحضر عنده القاضي الشافعي. وفي ذي القعدة سافر القاضي جمال الدين الزرعي من الاتابكية إلى مصر، ونزل عن تدريسها لمحيي الدين