القاضي محيي الدين أبو محمد بن الحسن بن محمد بن عمار بن فتوح الحارثي، قاضي الزبداني مدة طويلة، ثم ولي قضاء الكرك وبها مات في العشرين من ذي الحجة، وكان مولده سنة خمس وأربعين وستمائة، وقد سمع الحديث واشتغل، وكان حسن الأخلاق متواضعا، وهو والد الشيخ جمال الدين بن قاضي الزبداني مدرس الظاهرية رحمه الله.
ثم دخلت سنة ست وعشرين وسبعمائة استهلت والحكام هم المذكورون في التي قبلها، سوى كاتب سر دمشق شهاب الدين محمود فإنه توفي، وولي المنصب من بعده ولده الصدر شمس الدين. و فيها تحول التجار في قماش النساء المخيط من الدهشة التي للجامع إلى دهشة سوق علي. وفي يوم الأربعاء ثامن المحرم باشر مشيخة الحديث الظاهرية الشيخ شهاب الدين بن جهبل بعد وفاة العفيف إسحاق وترك تدريس الصلاحية بالقدس الشريف، واختار دمشق، وحضر عند القضاة والأعيان. وفي أولها فتح الحمام الذي بناه الأمير سيف الدين جوبان بجوار داره بالقرب من دار الجالق، وله بابان أحدهما إلى جهة مسجد الوزير، وحصل به نفع. وفي يوم الاثنين ثاني صفر قدم الصاحب غبريال من مصر على البريد متوليا نظر الدواوين بدمشق على عادته، وانفصل عنها الكريم الصغير، وفرح الناس به.
وفي يوم الثلاثاء حادي عشرين ربيع الأول بكرة ضربت عنق ناصر بن الشرف أبي الفضل بن إسماعيل بن الهيثي بسوق الخيل على كفره واستهانته واستهتاره بآيات الله، وصحبته الزنادقة كالنجم بن خلكان، والشمس محمد الباجريقي، وابن المعمار البغدادي، وكل فيهم انحلال وزندقة مشهور بها بين الناس.
قال الشيخ علم الدين البرزالي: وربما زاد هذا المذكور المضروب العنق عليهم بالكفر التلاعب بدين الاسلام، والاستهانة بالنبوة والقرآن. قال وحضر قتله العلماء والأكابر وأعيان الدولة. قال: وكان هذا الرجل في أول أمره قد حفظ التنبيه، وكان يقرأ في الختم بصوت حسن، وعنده نباهة وفهم، وكان منزلا في المدارس والترب، ثم إنه انسلخ من ذلك جميعه، وكان قتله عزا للاسلام وذلا للزنادقة وأهل البدع.
قلت: وقد شهدت قتله، وكان شيخنا أبو العباس بن تيمية حاضرا يومئذ، وقد أتاه وقرعه على ما كان يصدر منه قبل قتله، ثم ضربت عنقه وأنا شاهد ذلك.
وفي شهر ربيع الأول رسم في إخراج الكلاب من مدينة دمشق فجعلوا في الخندق من جهة باب الصغير من ناحية باب شرقي، الذكور على حدة والإناث على حدة، وألزم أصحاب