خاطره فرتب له ألف درهم وعشرة أرادب قمح في الشهر، مع تدريس زاوية الشافعي، وأرسل ولده بدر الدين إلى دمشق خطيبا بالأموي، وعلى تدريس الشامية البرانية، على قاعدة والده جلال الدين القزويني في ذلك، فخلع عليه في أواخر رجب ثامن عشرين وحضر عنده الأعيان.
وفي رجب كان عرس الأمير سيف الدين قوصون الساقي الناصري، على بنت السلطان، وكان وقتا مشهودا، خلع على الأمراء والأكابر. وفي صبيحة هذه الليلة عقد عقد الأمير شهاب الدين أحمد بن الأمير بكتمر الساقي، على بنت تنكز نائب الشام، وكان السلطان وكيل أبيها تنكز والعاقد ابن الحريري. وخلع عليه وأدخلت في ذي الحجة من هذه السنة في كلفة كثيرة.
وفي رجب جرت فتنة كبيرة بالإسكندرية في سابع رجب، وذلك أن رجلا من المسلمين قد تخاصم هو ورجل من الفرنج، على باب البحر، فضرب أحدهما الآخر بنعل، فرفع الامر إلى الوالي فأمر بغلق باب البلد بعد العصر، فقال له الناس: إن لنا أموالا وعبيدا ظاهر البلد، وقد أغلقت الباب قبل وقته. ففتحه فخرج الناس في زحمة عظيمة، فقتل منهم نحو عشرة ونهبت عمائم وثياب وغير ذلك، وكان ذلك ليلة الجمعة فلما أصبح الناس ذهبوا إلى دار الوالي فأحرقوها وثلاث دور لبعض الظلمة، وجرت أحوال صعبة، ونهبت أموال، وكسرت العامة باب سجن الوالي فخرج منه من فيه، فبلغ نائب السلطنة فاعتقد النائب أنه السجن الذي فيه الأمراء، فأمر بوضع السيف في البلد وتخريبه، ثم إن الخبر بلغ السلطان فأرسل الوزير طيبغا الجمالي سريعا فضرب وصادر، وضرب القاضي ونائبه وعزلهم، وأهان خلقا من الأكابر وصادرهم بأموال كثيرة جدا، وعزل المتولي ثم أعيد، ثم تولى القضاء بهاء الدين علم الدين الأخنائي الشافعي الذي تولى دمشق فيما بعد، وعزل قضاة الإسكندرية المالكي ونائباه، ووضعت السلاسل في أعناقهم وأهينوا، وضرب ابن السني غير مرة.
وفي يوم السبت عشرين شعبان وصل إلى دمشق قاضي قضاة حلب ابن الزملكاني على البريد فأقام بدمشق أربعة أيام ثم سار إلى مصر ليتولى قضاء قضاة الشام بحضرة السلطان، فاتفق موته قبل وصوله إلى القاهرة (وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شك مريب) [سبأ: 54]. وفي يوم الجمعة سادس عشرين شعبان باشر صدر الدين المالكي مشيخة الشيوخ مضافا إلى قضاء قضاة المالكية، وحضر الناس عنده، وقرئ تقليده بذلك بعد انفصال الزرعي عنها إلى مصر. وفي نصف رمضان وصل قاضي الحنفية بدمشق لقضاء القضاة عماد الدين أبي الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد الطرسوسي، الذي كان نائبا لقاضي القضاة صدر الدين علي البصروي، فخلفه بعده بالمنصب، وقرئ تقليده بالجامع، وخلع عليه وباشر الحكم، واستناب القاضي عماد الدين بن العز، ودرس بالنورية مع القضاء، وشكرت سيرته.
وفي رمضان قدم جماعة من الأسارى مع تجار الفرنج فأنزلوا بالمدرسة العادلية الكبيرة