أدرك فتنة المختار بن أبي عبيد فقتل فيها. وقال الطبراني: ثنا يوسف القاضي ثنا عمرو بن مرزوق ثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم، عن سعيد بن المسيب. قال: خرجت جارية لسعد يقال لها زبراء، وعليها قميص جديد فكشفتها الريح فشد عليها عمر بالدرة، وجاء سعد ليمنعه فتناوله عمر بالدرة فذهب سعد يدعو على عمر، فناوله الدرة وقال: اقتص مني فعفى عن عمر. وروي أيضا أنه كان بين سعد وابن مسعود كلام فهم سعد أن يدعو عليه فخاف ابن مسعود وجعل يشتد في الهرب. وقال سفيان بن عيينة: لما كان يوم القادسية كان سعد على الناس وقد أصابته جراح فلم يشهد يوم الفتح، فقال رجل من بجيلة:
ألم تر أن الله أظهر دينه * وسعد بباب القادسية معصم فأبنا وقد أيمت نساء كثيرة * ونسوة سعد ليس فيهن أيم فقال سعد: اللهم أكفنا يده ولسانه. فجاءه سهم غرب فأصابه فخرس ويبست يداه جميعا. وقد أسند زياد البكائي وسيف بن عمر عن عبد الملك بن عمير، عن قبيصة بن جابر، عن ابن عمر فذكر مثله، وفيه: ثم خرج سعد فأرى الناس ما به من القروح في ظهره ليعتذر إليهم.
وقال هشيم عن أبي بلح عن مصعب بن سعد أن رجلا نال من علي فنهاه سعد فلم ينته، فقال سعد: أدعو عليك، فلما ينته، فدعا الله عليه حتى جاء بعير ناد فتخبطه. وجاء من وجه آخر عن عامر بن سعد أن سعدا رأى جماعة عكوفا على رجل فأدخل رأسه من بين اثنين فإذا هو يسب عليا وطلحة والزبير، فنهاه عن ذلك فلم ينته، فقال: أدعو عليك، فقال الرجل: تتهددني كأنك نبي؟ فانصرف سعد فدخل دار آل فلان فتوضأ وصلى ركعتين ثم رفع يديه فقال: اللهم إن كنت تعلم أن هذا الرجل قد سب أقواما قد سبق لهم منك سابقة الحسنى، وأنه قد أسخطك سبه إياهم، فاجعله اليوم آية وعبرة. قال: فخرجت بختية نادة من دار آل فلان لا يردها شئ حتى دخلت بين أضعاف الناس، فافترق الناس فأخذته بين قوائمها، فلم يزل تتخبطه حتى مات.
قال: فلقد رأيت الناس يشتدون وراء سعد يقولون: استجاب الله دعاءك يا أبا إسحاق. ورواه حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب فذكر نحوه وقال أبو بكر بن أبي الدنيا:
حدثني الحسن بن داود بن محمد بن المنكدر القرشي ثنا عبد الرزاق عن أبيه عن مينا مولى عبد الرحمن بن عوف أن امرأة كانت تطلع على سعد فنهاها فلم تنته، فاطلعت يوما وهو يتوضأ فقال: شاه وجهك، فعاد وجهها في قفاها. وقال كثير النوري: عن عبد الله بن بديل قال: دخل سعد على معاوية فقال له: مالك لم تقاتل معنا؟ فقال: إني مرت بي ريح مظلمة فقلت: أخ أخ.
فأنخت راحلتي حتى انجلت عني ثم عرفت الطريق فسرت، فقال معاوية: ليس في كتاب الله:
أخ أخ. ولكن قال الله تعالى: * (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فان بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله) * [الحجرات: 9] فوالله ما كنت مع الباغية على العادلة، ولا مع العادلة على الباغية. فقال سعد: ما كنت لأقاتل رجلا قال له