عمرو أنه بات معه ليلة حتى إذا كان الفجر فلم يقم تلك الليلة شيئا، غير أنه كان إذا انقلب على فراشه ذكر الله وكبره حتى يقوم مع الفجر، فإذا صلى المكتوبة أسبغ الوضوء وأتمه ثم يصبح مفطرا، قال عبد الله بن عمرو: فرمقته ثلاث ليال وأيامهن لا يزيد على ذلك، غير أني لا أسمعه يقول إلا خيرا، فلما مضت الليالي الثلاث وكدت أحتقر عمله، قلت: إنه لم يكن بيني وبين أبي غضبت ولا هجر، ولكني سمعت رسول الله قال ذلك ثلاث مرات في ثلاث مجالس: " يطلع عليكم رجل من أهل الجنة " فاطلعت أنت أولئك المرات الثلاث، فأردت أن آوي إليك حتى أنظر ما عملك فأقتدي بك لأنال ما نلت، فلم أرك تعمل كثير عمل، ما الذي بلغ بك ما قال رسول الله؟ فقال: ما هو إلا الذي رأيت. قال: فلما رأيت ذلك انصرفت فدعا بي حين وليت، فقال: ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي سوءا لاحد من المسلمين، ولا أنوي له شرا ولا أقوله. قال قلت: هذه التي بلغت بك وهي التي لا أطيق. وهكذا رواه صالح المزي عن عمرو بن دينار - مولى الزبير - عن سالم عن أبيه فذكر مثل رواية أنس بن مالك. وثبت في صحيح مسلم من طريق سفيان الثوري عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن سعد في قوله تعالى: * (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) * [الانعام: 52] نزلت في ستة، أنا وابن مسعود منهم وفي رواية أنزل الله في: * (وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم) * [العنكبوت: 8] وذلك أنه لما أسلم امتنعت أمه من الطعام والشراب أياما، فقال لها: تعلمين والله لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني هذا لشئ، إن شئت فكلي وإن شئت فلا تأكلي. فنزلت هذه الآية. وأما حديث الشهادة للعشرة بالجنة فثبت في الصحيح عن سعيد بن زيد. وجاء من حديث سهيل عن أبيه عن أبي هريرة في قصة حراء ذكر سعد بن أبي وقاص منهم. وقال هشيم وغير واحد عن مجالد عن الشعبي عن جابر. قال: كنا مع رسول الله فأقبل سعد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هذا خالي فليرني امرؤ خاله ". رواه الترمذي. وقال الطبراني: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، ثنا عبد الوهاب بن الضحاك، ثنا إسماعيل بن عياش، عن صفوان بن عمرو، عن ماعز التميمي عن جابر. قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل سعد فقال: " هذا خالي ". وثبت في الصحيح من حديث مالك وغيره عن الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه " أن رسول الله جاءه يعوده عام حجة الوداع من وجع اشتد به. فقلت:
يا رسول الله إني ذو مال ولا يرثني إلا ابنة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا! قلت: فالشطر يا رسول الله؟ قال: لا! قلت: فالثلث؟ قال: الثلث والثلث كثير، إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها، حتى اللقمة تضعها في فم امرأتك. قلت: يا رسول الله أخلف بعد أصحابي؟ فقال إنك لن تخلف فتعمل عملا تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة، ولعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون. ثم قال: اللهم أمض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم، لكن