وقيل: إنما سماه يوم سابعه وعق عنه. وقال جماعة عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ عن علي رضي الله عنه قال: الحسن أشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين الصدر إلى الرأس، والحسين أشبه به ما بين أسفل من ذلك (1)، وقال الزبير بن بكار: حدثني محمد بن الضحاك الحزامي. قال: كان وجه الحسن يشبه وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان جسد الحسين يشبه جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وروى محمد بن سيرين وأخته حفصة، عن أنس. قال: كنت عند ابن زياد فجئ برأس الحسين فجعل يقول بقضيب في أنف ويقول: ما رأت مثل هذا حسنا، فقلت له:
إنه كان من أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال سفيان: قلت لعبيد الله بن زياد: رأيت الحسين؟
قال: نعم أسود الرأس واللحية إلا شعرات ههنا في مقدم لحيته، فلا أدري أخضب وترك ذلك المكان تشبها برسول الله صلى الله عليه وسلم أو لم يكن شاب منه غير ذلك؟ وقال ابن جريج: سمعت عمر بن عطاء قال: رأيت الحسين بن علي يصبغ بالوشمة، أما هو فكان ابن ستين سنة، وكان رأسه ولحيته شديدي السواد، فأما الحديث الذي روي من طريقين ضعيفين أن فاطمة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرض الموت أن ينحل ولديها شيئا فقال: " أما الحسن فله هيبتي وسؤددي، وأما الحسين فله جرأتي وجودي " فليس بصحيح، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب المعتبرة، وقد أدرك الحسين من حياة النبي صلى الله عليه وسلم خمس سنين أو نحوها، وروى عنه أحاديث، وقال مسلم بن الحجاج له رؤية من النبي صلى الله عليه وسلم، وقد روى صالح بن أحمد بن حنبل عن أبيه أنه قال في الحسن بن علي: إنا تابعي ثقة، وهذا غريب فلان يقول في الحسين إنه تابعي بطريق الأولى.
وسنذكر ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرمهما به، وما كان يظهر من محبتهما والحنو عليهما.
والمقصود أن الحسين عاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه إلى أن توفي وهو عنه راض، ولكنه كان صغيرا. ثم كان الصديق يكرمه ويعظمه، وكذلك عمر وعثمان، وصحب أباه وروى عنه، وكان معه في مغازيه كلها، في الجمل وصفين، وكان معظما موقرا، ولم يزلا في طاعة أبيه حتى قتل، فلما آلت الخلافة إلى أخيه وأراد أن يصالح شق ذلك عليه ولم يسدد رأي أخيه في ذلك، بل حثه على قتل أهل الشام، فقال له أخوه: والله لقد هممت أن أسجنك في بيت وأطبق عليك بابه حتى أفرغ من هذا الشأن ثم أخرجك. فلما رأى الحسين ذلك سكت وسلم، فلما استقرت الخلافة لمعاوية كان الحسين يتردد إليه مع أخيه الحسن فيكرمهما معاوية إكراما زائدا، ويقول لهما: مرحبا وأهلا، ويعطيهما عطاء جزيلا، وقد أطلق لهما في يوم واحد مائتي ألف، وقال: خذاها وأنا ابن هند، والله لا يعطيكماها أحد قبلي ولا بعدي، فقال الحسين: والله لن تعطي أنت ولا أحد قبلك ولا بعدك رجلا منا. ولما توفي الحسن كان الحسين يفد إلى معاوية في كل عام فيعطيه ويكرمه، وقد كان في الجيش الذين غزوا القسطنطينية مع ابن معاوية يزيد، في سنة إحدى وخمسين. ولما أخذت