يحدو بعثمان فيقول:
إن الأمير بعده علي * وفي الزبير خلف مرضي فقال كعب: بل هو صاحب البغلة الشهباء - يعني معاوية - فقال: يا أبا إسحاق تقول هذا وههنا علي والزبير وأصحاب محمد؟ فقال: أنت صاحبها. ورواه سيف عن بدر بن الخليل عن عثمان بن عطية الأسدي عن رجل من بني أسد. قال: ما زال معاوية يطمع فيها منذ سمع الحادي في أيام عثمان يقول:
إن الأمير بعده علي * وفي الزبير خلف مرضي فقال كعب: كذبت! بل صاحب البغلة الشهباء بعده - يعني معاوية - فقال له معاوية في ذلك فقال: نعم! أنت الأمير بعده، ولكنها والله لا تصل إليك حتى تكذب بحديثي هذا، فوقعت في نفس معاوية.
وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا محمد بن عباد المكي، ثنا سفيان بن عيينة، عن أبي هارون قال قال عمر: إياكم والفرقة بعدي، فإن فعلتم فإن معاوية بالشام، وستعلمون إذا وكلتم إلى رأيكم كيف يستبزها دونكم. ورواه الواقدي من وجه آخر عن عمر رضي الله عنه. وقد روى ابن عساكر عن عامر الشعبي: أن عليا حين بعث جرير بن عبد الله البجلي إلى معاوية قبل وقعة صفين - وذلك حين عزم علي على قصد الشام، وجمع الجيوش لذلك - وكتب معه كتابا إلى معاوية يذكر له فيه أنه قد لزمته بيعته، لأنه قد بايعه المهاجرون والأنصار، فإن لم تبايع استعنت بالله عليك وقاتلتك.
وقد أكثرت القول في قتلة عثمان، فادخل فيما دخل فيه الناس، ثم حاكم القوم إلي أحملك وإياهم على كتاب الله، في كلام طويل. وقد قدمنا أكثره، فقرأ معاوية على الناس وقام جرير فخطب الناس، وأمر في خطبته معاوية بالسمع والطاعة، وحذره من المخالفة والمعاندة، ونهاه عن إيقاع الفتنة بين الناس، وأن يضرب بعضهم بعضا بالسيوف (1). فقال معاوية: انتظر حتى آخذ برأي أهل الشام، فلما كان بعد ذلك أمر معاوية مناديا فنادى في الناس: الصلاة جامعة. فلما اجتمع الناس صعد المنبر فخطب فقال: " الحمد لله الذي جعل الدعائم للاسلام أركانا، والشرائع للايمان برهانا، يتوقد مصباحه (2) بالسنة في الأرض المقدسة التي جعلها الله محل الأنبياء والصالحين من عباده، فأحلها أهل الشام ورضيهم لها، ورضيها لهم، لما سبق في مكنون علمه من طاعتهم ومناصحتهم أولياءه فيها، والقوام بأمره، الذابين عن دينه وحرماته، ثم جعلهم لهذه (3) الأمة