ملآنا إلى أعلاه من أواني الذهب والفضة، ويجدون من الكافور شيئا كثيرا، فيحسبونه ملحا، وربما استعمله بعضهم في العجين فوجدوه مرا حتى تبينوا أمره فتحصل الفئ على أمر عظيم من الأموال، وشرع سعد فخمسه وأمر سلمان الفارسي (1) فقسم الأربعة الأخماس بين الغانمين، فحصل لكل واحد من الفرسان أثني عشر ألفا، وكانوا كلهم فرسانا، ومع بعضهم جنائب، واستوهب سعد أربعة أخماس البساط ولبس كسرى من المسلمين، ليبعثه إلى عمر والمسلمين بالمدينة لينظروا إليه ويتعجبوا منه، فطيبوا له ذلك وأذنوا فيه، فبعثه سعد إلى عمر مع الخمس مع بشير بن الخصاصية، وكان الذي بشر بالفتح قبله حليس بن فلان الأسدي، فروينا أن عمر لما نظر إلى ذلك قال إن قوما أدوا هذا لأمناء (2)، فقال له علي بن أبي طالب: إنك عففت فعفت رعيتك، ولو رتعت لرتعت. ثم قسم عمر ذلك في المسلمين فأصاب عليا قطعة من البساط فباعها بعشرين ألفا.
وقد ذكر سيف بن عمر أن عمر بن الخطاب ألبس ثياب كسرى لخشبة ونصبها أمامه ليرى الناس ما في هذه الزينة من العجب، وما عليها من زهرة الحياة الدنيا الفانية. وقد روينا أن عمر ألبس ثياب كسرى لسراقة بن مالك بن جعشم أمير بني مدلج رضي الله عنه.
قال الحافظ أبو بكر البيهقي في دلائل النبوة: أخبرنا عبد الله بن يوسف الأصبهاني، ثنا أبو سعيد بن الأعرابي. قال وجدت في كتابي بخط يدي عن أبي داود حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا حماد، ثنا يونس، عن الحسن: أن عمر بن الخطاب أتي بفروة كسرى فوضعت بين يديه وفي القوم سراقة بن مالك بن جعشم، قال فألقى إليه سواري كسرى بن هرمز فجعلهما في يده فبلغا منكبيه فلما رآهما في يدي سراقة قال الحمد لله سواري كسرى بن هرمز في يدي سراقة بن مالك بن جعشم أعرابي من بني مدلج. وذكر الحديث. هكذا ساقه البيهقي. ثم حكى عن الشافعي أنه قال:
وإنما ألبسهما سراقة لان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لسراقة ونظر إلى ذراعيه " كأني بك وقد ألبست سواري كسرى " قال الشافعي: وقد قال عمر لسراقة حين ألبسه سواري كسرى: قل الله أكبر. فقال الله أكبر. ثم قال: قل الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز وألبسهما سراقة بن مالك أعرابي من بني مدلج (3). وقال الهيثم بن عدي: أخبرنا أسامة بن زيد الليثي، ثنا القاسم بن محمد بن أبي بكر، قال بعث سعد بن أبي وقاص أيام القادسية إلى عمر بقباء كسرى وسيفه ومنطقته وسواريه وسراويله وقميصه وتاجه وخفيه، قال فنظر عمر في وجوه القوم. وكان أجسمهم وأبدنهم قامة سراقة بن مالك بن جعشم فقال يا سراق قم فالبس، قال سراقة فطمعت فيه فقمت فلبست فقال