وذلك في سنة خمس عشرة (1). ثم كتب لأهل لد ومن هنالك من الناس كتابا آخر (2) وضرب عليهم الجزية، ودخلوا فيما صالح عليه أهل إيلياء، وفر الأرطبون إلى بلاد مصر، فكان بها حتى فتحها عمرو بن العاص، ثم فر إلى البحر فكان يلي بعض السرايا الذين يقاتلون المسلمين فظفر به رجل من قيس فقطع يد القيسي وقتله القيسي وقال في ذلك:
فإن يكن أرطبون الروم أفسدها * فإن فيها بحمد الله منتفعا وإن يكن أرطبون الروم قطعها * فقد تركت بها أوصاله قطعا ولما صالح أهل الرملة وتلك البلاد، أقبل عمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة حتى قدما الجابية فوجدا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب راكبا، فلما اقتربا منه أكبا على ركبتيه فقبلاها واعتنقهما عمر معا رضي الله عنهم * قال سيف ثم سار عمر إلى بيت المقدس من الجابية وقد توحى فرسه فأتوه ببرذون فركبه فجعل يهملج به فنزل عنه وضرب وجهه وقال لا علم الله من علمك، هذا من الخيلاء (3)، ثم لم يركب برذونا قبله ولا بعده، ففتحت إيلياء وأرضها على يديه ما خلا أجنادين فعلى يدي عمرو.
وقيسارية فعلى يدي معاوية. هذا سياق سيف بن عمر وقد خالفه غيره من أئمة السير فذهبوا إلى أن فتح بيت المقدس كان في سنة ست عشرة.
قال محمد بن عائذ عن الوليد بن مسلم عن عثمان بن حصن بن علان قال يزيد بن عبيدة:
فتحت بيت المقدس سنة ست عشرة وفيها قدم عمر بن الخطاب الجابية. وقال أبو زرعة الدمشقي عن دحيم عن الوليد بن مسلم قال: ثم عاد في سنة سبع عشرة فرجع من سرع ثم قدم سنة ثماني عشرة فاجتمع إليه الامراء وسلموا إليه ما اجتمع عندهم من الأموال فقسمها وجند الأجناد ومصر الأمصار ثم عاد إلى المدينة.
وقال يعقوب بن سفيان: ثم كان فتح الجابية وبيت المقدس سنة ست عشرة. وقال أبو معشر: ثم كان عمواس والجابية في سنة ست عشرة. ثم كانت سرع في سبع عشرة، ثم كان عام الرمادة في سنة ثماني عشرة قال: وكان فيها طاعون عمواس (4) - يعني فتح البلدة المعروفة بعمواس - فأما الطاعون المنسوب إليها فكان في سنة ثماني عشرة كما سيأتي قريبا إن شاء الله تعالى.
قال أبو مخنف: لما قدم عمر الشام فرأى غوطة دمشق ونظر إلى المدينة والقصور والبساتين تلا