صلى الله عليه وسلم لقيهما في سقيفة بني ساعدة فقال: " أتحبه يا زبير؟ فقال: وما يمنعني؟ قال: فكيف بك إذا قاتلته وأنت ظالم له؟ " قال: فيرون أنه إنما ولي لذلك. قال البيهقي: وهذا مرسل وقد روي موصولا من وجه آخر. أخبرنا أبو بكر محمد (1) بن الحسن القاضي أنا أبو عامر (2) بن مطر أنا أبو العباس عبد الله بن محمد بن سوار الهاشمي الكوفي، أنا منجاب بن الحارث ثنا عبد الله بن الأجلح، ثنا أبي عن مرثد الفقيه عن أبيه. قال: وسمعت فضل بن فضالة يحدث عن حرب بن أبي الأسود الدؤلي - دخل حديث أحدهما في حديث صاحبه - قال: لما دنا علي وأصحابه من طلحة والزبير، ودنت الصفوف بعضها من بعض، خرج علي وهو على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادى:
ادعوا لي الزبير بن العوام فإني علي، فدعي له الزبير فأقبل حتى اختلفت أعناق دوابهما، فقال علي: يا زبير! نشدتك الله، أتذكر يوم مر بك رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مكان كذا وكذا، فقال:
" يا زبير ألا تحب عليا؟ فقلت: ألا أحب ابن خالي وابن عمي وعلى ديني؟ فقال: يا زبير أما والله لتقاتلنه وأنت ظالم له؟ " فقال الزبير: بلى! والله لقد نسيته منذ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ذكرته الآن، والله لا أقاتلك. فرجع الزبير على دابته يشق الصفوف، فعرض له ابنه عبد الله بن الزبير، فقال: مالك؟ فقال: ذكرني علي حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعته يقول: " لتقاتلنه وأنت ظالم له " فقال: أو للقتال جئت؟ إنما جئت لتصلح بين الناس ويصلح الله بك هذا الامر، قال: قد حلفت أن لا أقاتله، قال: أعتق غلامك سرجس وقف حتى تصلح بين الناس. فأعتق غلامه ووقف، فلما اختلف أمر الناس ذهب على فرسه، قالوا: فرجع الزبير إلى عائشة فذكر أنه قد آلى أن لا يقاتل عليا، فقال له ابنه عبد الله: إنك جمعت الناس، فلما تراءى بعضهم لبعض خرجت من بينهم، كفر عن يمينك واحضر. فأعتق غلاما، وقيل غلامه سرجس. وقد قيل إنه إنما رجع عن القتال لما رأى عمارا مع علي وقد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعمار: " تقتلك الفئة الباغية " فخشي أن يقتل عمار في هذا اليوم.
وعندي أن الحديث الذي أوردناه إن كان صحيحا عنه فما رجعه سواه، ويبعد أن يكفر عن يمينه ثم يحضر بعد ذلك لقتال علي والله أعلم.
والمقصود أن الزبير لما رجع يوم الجمل سار (3) فنزل واديا يقال له وادي السباع، فاتبعه رجل يقال له عمرو بن جرموز، فجاءه وهو نائم فقتله غيلة كما سنذكر تفصيله. وأما طلحة فجاءه في