عوف برنسا فانتحر نفسه لعنه الله، وحمل عمر إلى منزله والدم يسيل من جرحه - وذلك قبل طلوع الشمس - فجعل يفيق ثم يغمى عليه، ثم يذكرونه بالصلاة فيفيق ويقول: نعم، ولاحظ في الاسلام لمن تركها. ثم صلى في الوقت، ثم سأل عمن قتله من هو؟ فقالوا له: هو أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة. فقال: الحمد لله الذي لم يجعل منيتي على يدي رجل يدعي الايمان ولم يسجد لله سجدة. ثم قال: قبحه الله، لقد كنا أمرنا به معروفا - وكان المغيرة قد ضرب عليه في كل يوم درهمين ثم سأل من عمر أن يزيد في خراجه فإنه نجار نقاض حداد فزاد في خراجه إلى مائة في كل شهر - وقال له: لقد بلغني أنك تحسن أن تعمل رحا تدور بالهواء فقال أبو لؤلؤة: أما والله لأعملن لك رحا يتحدث عنها الناس في المشارق والمغارب - وكان هذا يوم الثلاثاء عشية - وطعنه صبيحة الأربعاء (1) لأربع بقين من ذي الحجة. وأوصى عمر أن يكون الامر شورى بعده في ستة ممن توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض. وهم عثمان، وعلي، وطلحة، والزبير وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، ولم يذكر سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدوي فيهم، لكونه من قبيلته، خشية أن يراعى في الامارة بسببه، وأوصى من يستخلف بعده بالناس خيرا على طبقاتهم ومراتبهم، ومات رضي الله عنه بعد ثلاث، ودفن في يوم الأحد مستهل المحرم من سنة أربع وعشرين بالحجرة النبوية، إلى جانب الصديق، عن إذن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في ذلك، وفي ذلك اليوم حكم أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه.
قال الواقدي رحمه الله: حدثني أبو بكر بن إسماعيل بن محمد بن سعد عن أبيه قال: طعن عمر يوم الأربعاء لأربع ليال بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين، ودفن يوم الأحد صباح هلال المحرم سنة أربع وعشرين، فكانت ولايته عشر سنين وخمسة أشهر وأحدا وعشرين يوما، وبويع لعثمان يوم الاثنين لثلاث مضين من المحرم. قال: فذكرت ذلك لعثمان الأخنس فقال:
ما أراك إلا وهلت. توفي عمر لأربع ليال بقين من ذي الحجة وبويع لعثمان لليلة بقيت من ذي الحجة فاستقبل بخلافته المحرم سنة أربع وعشرين. وقال أبو معشر: قتل عمر لأربع بقين من ذي الحجة تمام سنة ثلاث وعشرين وكانت خلافته عشر سنين وستة أشهر وأربعة أيام وبويع عثمان بن عفان.
وقال ابن جرير: حدثت عن هشام بن محمد قال: قتل عمر لثلاث بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين فكانت خلافته عشر سنين وستة أشهر وأربعة أيام. وقال سيف عن خليد بن وفرة (2) ومجالد قالا: استخلف عثمان لثلاث من المحرم فخرج فصلى بالناس صلاة العصر. وقال