شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شئ ولها عرش عظيم. وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون إلا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما يخفون وما تعلنون الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم. قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين. إذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون. قالت يا أيها الملا إني القي إلي كتاب كريم إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين قالت يا أيها الملا أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون قالوا نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد والامر إليك فانظري ماذا تأمرين. قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بما يرجع المرسلون فلما جاء سليمان قال أتمدونن بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون. ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون) [النمل: 20 - 37].
يذكر تعالى ما كان من أمر سليمان والهدهد وذلك أن الطيور كان على كل صنف منها مقدمون (1) يقومون بما يطلب منهم، ويحضرون عنده بالنوبة كما هي عادة الجنود مع الملوك.
وكانت وظيفة الهدهد على ما ذكره ابن عباس وغيره أنهم كانوا إذا اعوزوا الماء في القفار في حال الاسفار يجئ فينظر لهم هل بهذه البقاع من ماء وفيه من القوة التي أودعها الله تعالى فيه أن ينظر إلى الماء تحت تخوم الأرض فإذا دلهم عليه حفروا عنه واستنبطوه وأخرجوه واستعملوه لحاجتهم. فلما تطلبه سليمان عليه السلام ذات يوم فقده ولم يجده في موضعه من محل خدمته (فقال مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين) أي ماله مفقود من ههنا أو قد غاب عن بصري فلا أراه بحضرتي (لأعذبنه عذابا شديدا) توعده بنوع من العذاب. اختلف المفسرون فيه والمقصود حاصل على كل تقدير (أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين) أي بحجة تنجيه من هذه الورطة. قال الله تعالى: (فمكث غير بعيد) أي فغاب الهدهد غيبة ليست بطويلة ثم قدم منها: (فقال) لسليمان: (أحطت بما لم تحط به) أي اطلعت على ما لم تطلع عليه (وجئتك من سبأ بنبأ يقين) أي بخبر صادق (إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شئ ولها عرش عظيم) يذكر ما كان عليه ملوك سبأ في بلاد اليمن من المملكة العظيمة والتبابعة المتوجين، وكان الملك قد آل في ذلك الزمان إلى امرأة منهم ابنة ملكهم لم يخلف غيرها فملكوها عليهم.
وذكر الثعلبي وغيره أن قومها ملكوا عليهم بعد أبيها رجلا فعم به الفساد، فأرسلت إليه