بجرجرايا وقد نزلوا فنزل بهم أبو الرواغ مع طلوع الشمس فلما رأوهم قالوا إن قتال هؤلاء أيسر من قتال من يأتي بعدهم فحملوا علي أبي الرواغ وأصحابه حملة صادقة فانهزم أصحابه وثبت في مائة فارس فقاتلهم طويلا وهو يقول:
(إن الفتي كل الفتي [من] لم يهل * إذا الجبان حاد عن وقع الأسل) (قد علمت أني إذا البأس نزل * أروع يوم الهيج مقدام بطل) ثم عطف أصحابه من كل جانب فصدقوهم القتال حتى أعادوهم إلى مكانهم، فلما رأى المستورد ذلك علم أنهم إن أتاهم معقل ومن معه هلكوا فمضي هو وأصحابه فعبروا دجلة ووقفوا في أرض بهرسير وتبعهم أبو الرواغ حتى نزل بهم بساباط فلما نزل بهم قال المستورد لأصحابه إن هؤلاء هم حماة أصحاب معقل وفرسانه ولو علمت أني اسبقهم إليه بساعة لسرت إليه فواقعته ثم أمر أن يسأل عن معقل فسألوا بعض من علي الطريق فأخبروهم أنه نزل ديلمايا وبينهم ثلاثة فراسخ فلما أخبر المستورد بذلك ركب وركب أصحابه وأقبل حتى انتهي إلى جسر ساباط وهو جسر نهر ملك وهو من جانبه الذي يلي الكوفة وأبو الرواغ من جانب المدائن فقطع المستورد الجسر ولما رآهم أبو الرواغ قد ركبوا عبأ أصحابه واعتزل إلى صحراء بين المدائن وساباط ليكون القتال بها ووقف ينتظرهم فلما قطع المستورد الجسر سار إلى ديلمايا نحو معقل ليوقع به فانتهى إليه وأصحابه متفرقون عنه وهو يريد الرحيل وقد تقدم بعض أصحابه فلما رآهم معقل نصب رايته ونزل ونادى يا عباد الله الأرض الأرض فنزل معه نحو مائتي رجل فحملت الخوارج