من هذا الأمر إن حرك على أمور فرقة تري ما ترون وفرقة تري ما لا ترون وفرقة لا تري هذا ولا هذا حتى يهدأ الناس وتقع القلوب مواقعها وتؤخذ الحقوق فاهدأوا عني وانظروا ماذا يأتيكم ثم عودوا. واشتد على قريش وحال بينهم وبين الخروج وتركها على حالها وإنما هيجه على ذلك هرب بني أمية وتفرق القوم فبعضهم يقول ما قال علي وبعضهم يقول نقضي الذي علينا ولا نؤخره والله أن عليا لمستغن برأيه وليكونن أشد على قريش من غيره.
فسمع ذلك بخطبهم وذكر فضلهم وحاجته إليهم ونظره لهم وقيامه دونهم وأنه ليس له من سلطانهم إلا ذاك والأجر من الله عليه ونادى برئت الذمة من عبد لا يرجع إلى مولاه فتذامرت السبئية والأعراب وقالوا لنا إذا مثلها ولا نستطيع نحتج فيهم بشئ وقال أيها الناس أخرجوا عنكم الأعراب فليلحقوا بمياههم فأبت السبئية وأطاعهم الأعراب فدخل على بيته ودخل عليه طلحة والزبير وعدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال دونكم ثأركم فاقتلوه فقالوا عتوا عن ذلك فقال هم والله بعد اليوم أعتى وقال:
(ولو أن قومي طاوعتني سراتهم * امرتهم أمرا يديخ الأعاديا) وقال طلحة دعني آتي البصرة فلا يفجؤك إلا وأنا في خيل وقال الزبير دعني آتي الكوفة فلا يفجؤك إلا وأنا في خيل فقال حتى أنظر في ذلك.