قيل وقال ابن عباس أتيت عليا بعد قتل عثمان عند عودي من مكة فوجدت المغيرة بن شعبة مستخليا به فخرج من عنده فقلت له ما قال لك هذا.
فقال قال لي قبل مرته هذه إن لك حق الطاعة والنصيحة وإن الرأي اليوم تحرز به ما في غد وإن الضياع اليوم يضيع به ما في غد أقرر معاوية وابن عامر وعمال عثمان على أعمالهم حتى تأتيك بيعتهم ويسكن الناس ثم اعزل من شئت فأبيت عليه ذلك وقلت لا أداهن في ديني ولا أعطي في الدنية أمري قال فإن كنت أبيت علي فانزع من شئت واترك معاوية فإن في معاوية جرأة وهو في أهل الشام يستمع منه ولك حجة في إثباته كان عمر بن الخطاب قد ولاه الشام. فقلت لا والله لا أستعمل معاوية يومين ثم انصرف من عندي وأنا أعرف فيه أنه يود أني مخطئ ثم عاد إلى الآن فقال إني أشرت عليك أول مرة بالذي أشرت خالفتني فيه ثم رأيت بعد ذلك أن تصنع الذي رأيت فتعزلهم وتستعين بمن تثق به فقد كفي الله وهو أهون شوكة مما كان قال ابن عباس فقلت لعلي أما المرة الأولي فقد نصحك وأما المرة الثانية فقد غشك قال ولم نصحني؟ قلت لأن معاوية وأصحابه أهل دنيا فمتي ثبتهم لا يبالون من ولي هذا الأمر ومتي تعزلهم يقولون أخذ هذا الأمر بغير شوري وهو قتل صاحبنا ويؤلبون عليك فتنتقض عليك الشام وأهل العراق مع أني لا آمن طلحة والزبير أن يكرا عليك وأنا أشير عليك أن تثبت معاوية فإن بايع لك فعلي أن أقلعه من منزله وقال علي والله لا أعطيه إلا السيف ثم تمثل:
(وما ميتة أن متها غير عاجز * بعار إذا ما غالت النفس غولها)