(ولم يسقط السقف من فوقنا * ولم ينكسف شمسنا والقمر) (وقد بايع الناس ذا تدرأ * يزيل الشبا ويقيم الصغر) (ويلبس للحرب أثوابها * وما من وفي مثل ما قد غدر) فانصرفت إلى مكة فقصدت الحجر فسترت فيه فاجتمع الناس حولها، فقالت: أيها الناس إن الغوغاء من أهل الأمصار وأهل المياه وعبيد أهل المدينة اجتمعوا علي هذا الرجل المقتول ظلما بالأمس ونقموا عليه استعمال من حدثت سنه وقد استعمل أمثالهم قبله ومواضع من الحمي حماها لهم فتابعهم ونزع لهم عنها فلما لم يجدوا حجة ولا عذرا بادروا بالعدوان فسفكوا الدم الحرام واستحلوا البلد الحرام والشهر الحرام وأخذوا المال الحرام والله لأصبع من عثمان خير من طباق الأرض أمثالهم ووالله لو أن الذي اعتدوا به عليه كان ذنبا لخلص منه كما يخلص الذهب من خبثه أو الثوب من درنه إذ ماصوه كما يماص الثوب بالماء أي يغسل.
فقال عبد اله بن عامر الحضرمي وكان عامل عثمان على مكة ها أنا أول طالب فكان أول مجيب وتبعه بنو أمية على ذلك وكانوا هربوا من المدينة بعد قتل عثمان إلى مكة ورفعوا رؤوسهم وكان أول ما تكلموا بالحجاز وتبعهم سعيد بن العاص والوليد بن عقبة وسائر بني أمية وقدم عليهم عبد الله بن عامر من البصرة بمال كثير ويعلي بني أمية وهو ابن منية من اليمن ومعه ستمائة بعير وستمائة ألف درهم فأناخ بالأبطح وقدم طلحة والزبير من المدينة فلقيا عائشة فقالت ما وراءكما؟ فقالا إنا تحملنا هرابا من المدينة من غوغاء